(٢) يشير به إلى ما ينسب إلى عبد الله بن رواحة رضي الله عنه من أنه أنشد:
شهدت بأن وعد الله حق * وأن النار مثوى الكافرينا وأن العرش فوق الماء طاف * وفوق العرش رب العالمينا إيهاما لامرأته أنه يتلو القرآن دفعا لما اتهمته به من نيله جارية له حتى قالت زوجته آمنت بالله وكذبت عيني ا ه وهذه قصة تذكر في كتب المحاضرات والمسامرات دون كتب الحديث المعتمدة ولم ترد في كتب أهل الحديث بسند متصل ولو من وجه واحد وأما ما وقع في الإستيعاب من قول ابن عبد البر (رويناه من وجوه صحاح) فسهو واضح من الناسخ وأصل الكلام (من وجوه غير صحاح) فسقط لفظ (غير) فتتابعت النسخ على السهو إذ لم يجد أهل الاستقصاء سندا واحدا يحتج بمثله في هذه القصة بل كل ما عندهم في هذا الصدد أخبار منقطعة وما يكون في عهد ابن عبد البر مرويا بطرق صحيحة كيف لا يكون مرويا عند من بعده ولو بطريق واحد صحيح؟
وهذا يعين ما قلناه من سقوط لفظ (غير) في الكتاب. ولم يتمكن الذهبي بعد بذل جهده من ذكر سند واحد غير منقطع في القصة وأفعال الصحابة كلها جد، وجل مقدار مثل هذا الصحابي عن أن يوهم صحابية أنه يتلو القرآن بإنشاده الشعر لها. وإيهام كون الشعر من القرآن ليس مما يقر عليه النبي صلى الله عليه وسلم فمتن الخبر نفسه يدل على البطلان. على أن الحافظ ابن الجوزي ذكر في كتاب الأذكياء أنه قال:
وفينا رسول الله يعلو كتابه * كما انشق مرموق من الصبح ساطع أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا * به موقنات أن ما قال واقع يبيت يجافي جنبه عن فراشه * إذا استثقلت بالمشركين المضاجع وأين هذا الشعر من ذاك الشعر والحكاية هي هي. ولا مجال لتعدد القصة لأن المرأة لا تخدع بمثل ذاك مرتين.