الحقيقة لا خلف بين أئمة التفسير في هذا، تأويله هو عندهم تفسيره بالظاهر (1) ما قال منهم قط شخص واحد تأويله صرف عن الرجحان ولا نفى الحقيقة ".
(1) وحمل التأويل على معنى التفسير في باب المتشابهات تحريف للكلم عن مواضعه وملاحظة ظاهر للمتشابه جهل يأباه كثير من العامة فضلا عن الخاصة قد رضى الناظم لنفسه بهذا الجهل وأنى يتصور ظاهر في متشابه؟ فالظاهر في اللغة يقابل الخفي فلا يتصور حيث لا يكون المدلول عليه واضحا فلا يعقل أن يلاحظ هذا المعنى في المتشابه الذي هو غاية في الخفاء، وأما في أصول الفقه فهو بمعنى الراجح من الاحتمالين بالوضع أو بالدليل وهو من أقسام الوضوح المقابل للخفاء الذي من أقسامه المتشابه فلا يتصور اجتماعهما في لفظ ويطلق الظاهر أيضا على ما، يدل على المراد بإحدى الدلالات المعتبرة عند أهل اللسان فيكون مقابلا للباطن الذي ابتدعه القرامطة، ولا شأن لهذا المعنى في هذا البحث، وقد يطلق الظاهر بمعنى المستفيض المشهور وهو مراد من يقول من أهل السنة (بإجراء أخبار الصفات على ظاهرها) حيث يريد إجراء اللفظ المستفيض عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفات الإله على اللسان كما ورد مع التفويض أو التأويل على ما سبق، وهذا المعنى هو المراد في قول الفقهاء (هذا ظاهر الرواية) يعنون أنه المروي عن صاحب المذهب بطريق الاستفاضة والشهرة. وفيما علقت على الاختلاف في اللفظ (ص 45): " أما ما يروى عن بعض السلف من إجراء أحاديث الصفات وإمرارها على ظاهرها فليس بمعنى الظاهر المصطلح في أصول الفقه الذي يبقى حين ترجح الاحتمال الآخر بالدليل كالنجم عند شروق الشمس ولا بمعنى ما يظهر للعامة من اللفظ بل بالمعنى المقابل للغريب الذي ينفرد بلفظه راو في إحدى الطبقات فيكون بمعنى تجويز إمرار اللفظ على اللسان وإجرائه عليه إذا كان اللفظ مرويا بطريق الظهور والشهرة في جميع الطبقات كما وقع إطلاق الظاهر بهذا المعنى في كلام الإمام مالك رضي الله عنه وغيره وقد يغالط بعضهم في ذلك فيضل ويضل فلزم التنبيه على ذلك ا ه ".
تبديع الفلاسفة وإكفارهم