السيف الصقيل رد ابن زفيل - السبكي - الصفحة ٢٧
الحنابلة فليعلم اصطلاحه وكل ما ينسبه إلى الجهمية فمراده بها هؤلاء، والمعتزلة يشاركون الأشعرية في ذلك لكن ما منهم أحد موجود في هذه البلاد وإن كان موجودا فلا ظهور له، فكل ما قال هذا الناظم عن جهم في هذه القصيدة فمراده، الذي مذهبه مذهب الأشعري.
فصل تخبل الناظم في أفعال العباد.. إلخ قال:
والعبد عندهم فليس بفاعل بل فعله كتحرك الرجفان كذب هذا الجاهل في قوله: إن العبد عندهم ليس بفاعل. ولكن مراده بذلك قولهم: إنه لا يخلق فعله. وليس بخالق والله سبحانه هو خالق أفعال العباد، فاعتقد هذا الجاهل (1) بسبب ذلك أنهم يقولون إنه ليس بفاعل. وكون العبد ليس

(1) أقل ما يقال في هذا الناظم أنه جاهل، فإذا طالعت ما ذكره في شفاء العليل عن كسب العبد تجده ينقل عن نظامية إمام الحرمين قوله في أفعال العباد فيسايره إلى أبعد حد ثم يتراجع فيقع في أحط دركات الجبر ثم يقع في المعتزلة وقيعة لا مزيد عليها ثم تجده يسبقهم في التجرؤ. والحاصل أنه جماع لآراء الناس من غير أن يعقلها على وجوهها فيتخبط تخبط من به مس، وهو يصور مناظرات خيالية بين سني وجبري وأخرى بين سني وقدري، في شفاء العليل يدس في خلالها أمورا ينقض بعضها بعضا وذلك كله من سوء فهمه وضغطه لذهنه بشتى الأنظار التي هو غير مستأهل لتحقيقها وتمحيص الحق من بينها فتتشوه الحقائق في ذهنه وتكتسي أسمج الصور كما هو شأن ما ينعكس في المرايا المحدبة والمقعرة وشأن من اختلت بصيرته، نسأل الله العافية.
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست