هذا الرجل كما قال الله تعالى (فيتبعون ما تشابه منه) (آل عمران: 7) فصل قال: " والحادي والعشرون إتيان رب العرش ومجيئه (1) من أين يأتي لا يأتي إلا من العلو ".
(١) قال ابن حزم: روينا عن الإمام أحمد في قوله تعالى " وجاء ربك " (الفجر:
٢٣) إنما معناه وجاء أمر ربك كقوله تعالى " هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك " (النحل: ٣٣) والقرآن يفسر بعضه بعضا.
وهكذا نقله ابن الجوزي في تفسيره زاد المسير، وقال البيهقي في مناقب أحمد أنبأنا الحاكم أبو عمر بن السماك قال حدثنا حنبل بن إسحاق قال سمعت عمي أبا عبد الله يعني أحمد يقول: احتجوا علي يومئذ - يعني يوم نوظر في دار أمير المؤمنين - فقالوا تجيئ سورة البقرةيوم القيامة وتجيئ سورة تبارك فقلت لهم إنما هو الثواب قال الله تعالى (وجاء ربك) (الفجر:
٢٣) إنما تأتي قدرته، وإنما القرآن أمثال ومواعظ. قال البيهقي وفيه دليل على أنه كان لا يعتقد في المجيئ الذي ورد به الكتاب والنزول الذي وردت به السنة انتقالا من مكان إلى مكان كمجئ ذوات الأجسام ونزولها، وإنما هو عبارة عن ظهور آيات قدرته، فإنهم لما زعموا أن القرآن لو كان كلام الله وصفة من صفات ذاته لم يجز عليه المجيئ والإتيان فأجابهم أبو عبد الله بأنه إنما يجيئ ثواب قراءته التي يريد إظهارها يومئذ، فعبر عن إظهاره إياها بمجيئه ا ه.
وقال اليافعي بعد أن ساق ذلك: قال العلماء وقد يقتضي الحذف من التعظيم والتفخيم ما لا يقتضيه الذكر، وشواهده من الكتاب كثيرة كقوله تعالى (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله) (المائدة: 33) و (إن الذين يؤذون الله ورسوله) (الأحزاب: 57) وقد أجمع المسلمون على تقدسه تعالى عن التأذي والضرر، أي يحاربون عباد الله وأولياءه ويوضحه قوله تعالى (فأتى الله بنيانهم) (النحل: 26) ليس المراد الإتيان بذاته بالاتفاق وإنما هو أمره ويشهد له قوله تعالى " أتاها أمرنا ليلا أو نهارا " (يونس:
24) ا ه. والناظم وشيخه يدعيان الانتماء إلى أحمد ولا يتابعانه في التنزيه كما رأيت نصوص أهل العلم عن أحمد فلا ينخدعن الموفق بثرثرتهما المفضوحة وتهويلهما المصطنع وإنما ذلك وقاحة منهما قاتلهما الله، ما أجرأهما على الله تعالى.