" فصل " فيه أكثر من تسعين بيتا... وقال في أواخره:
من قال بالتعطيل فهو مكذب * بجميع رسل الله والفرقان إن المعطل لا إله له * سوى المنحوت في الأذهان وكذا إله المشركين نحتته * الأيدي هما في نحتهم سيان لكن إله المرسلين هو الذي * فوق السماء مكون الأكوان المعطل في الأصل من ينفي الصانع وهذا الرجل يسمي خصومه معطلة لأنهم نفوا الصانع الذي يقول هو به ويصفه بتلك الصفات بزعمه ويجعلهم يعبدون إلها آخر ويكفرهم كالمشركين العابدين للأصنام، فيا خيبة المسلمين إن كان يكفر بعضهم بعضا. ولم لا يقول هذا الجاهل إن الكل يقرون بالله ووحدانيته ويغلط بعضهم في وصفه ولا يخرجهم ذلك الغلط عن الإسلام؟ وإن كان ولا بد من الإخراج فمن أولى به؟ ومن أولى بعبادة ما نحته ذهنه؟ من ركب أجزاء مقصودة معقولة أو من قال أعبد إلها واحدا أنا عاجز عن معرفته وعن كنه ذاته فهو كما وصف به نفسه، وفوق ما يصف به عباده، وعقلي يقصر عن سبحات وجهه وعلمي يضل في علمه ويتضاءل دون عظمته وملكوت سلطانه وقدرته وقهره لا شريك له سبحانه وتعالى " ليس كمثله شئ وهو السميع البصير " (الشورى: 19) كل ما تصوره الذهن فالله بخلافه لو اجتمعت عقول العالمين كلها لم تبلغ معرفة حقيقة ذاته ولا كنه صفاته، وإنما علموا منها ما دلهم على التوحيد وأمر السيد العبيد وأنعم عليهم بالرسول أرشدهم إلى ما فيه صلاحهم وأنزل عليهم كتابا كلفهم فيه بتكاليف إن عملوا بها وصلوا إلى دار السلام فلا ينبغي لهم الاشتغال بغيرها - فاشتغالهم بغيرها فضول - وإن فكروا فكروا في آلائه لا في ذاته، فإن هناك تضل العقول، وانظر إلى هذه الصفات التي يثبتها هذا المبتدع لم تجئ قط في الغالب مقصودة وإنما في ضمن كلام يقصد منه أمر آخر وجاءت لتقرير