الله عز وجل ومقت الخلق، فيصبح ذلك الطاغي من الأخسرين أعمالا في الدارين، وليعلم أن ضرر العلم - إذا زاغ صاحبه - دونه كل ضرر، فإن الطاغي بالمال يزول ضرره بزوال ماله، كصاحب الجاه الذي لا يدوم جاهه، وأما صاحب العلم الذي لعب به الشيطان وخلد كتبا فيما طغى به فهمه وطاش قلمه، فيدوم ضرره ويتضاعف وزره ما دامت آثاره دارجة يضل بها أناس، فإذا هي أخطر تلك الآفات، ولا يخفف عن مؤلفها العذاب إلا بإعراض الناس عن كتبه المغوية بتنبيه أهل العلم المهتدين على ما حوته من صنوف الزيغ والضلال، فيكون في الكشف عن مواطن الغواية من أمثال تلك الكتب تخفيف لعذاب مؤلفيها، وصون للأمة عن الوقوع في مهاويها. وقد عنى الموفقون من علماء هذه الأمة بنقض أمثال تلك الكتب لتلك الغاية النبيلة قديما وحديثا ومن هلك بعد ذلك فلا يلومن إلا نفسه.
ردود السبكي على ابن تيمية والكلام في رده على نونية ابن القيم وللحافظ التقي السبكي فضل مشكور وعمل مبرور في الرد على ابن زفيل وشيخه في شواذهما المردية، ومن جملة مؤلفاته في هذا الصدد (رده على نونية ابن القيم) وقد نقل السيد محمد المرتضى الزبيدي في شرح الإحياء عند الكلام على إمامي أهل السنة عن هذا الرد المسمى (السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل) جملة نافعة من مقدمته. والتقي السبكي أوجز في رده مكتفيا بلفت النظر إلى كلمات الناظم الخطرة في الغالب بدون أن يناقشه فيها كثيرا، باعتبار أن الاطلاع عليها يكفي بمجرده في نبذها وتضليل قائلها، ولو كان السبكي يرى ابن القيم يستأهل المناقشة لأوسع في الرد عليه، لأنه كان أنظر أهل عصره - كما قال الأسنوي وغيره من المحققين - لكنه كان يعده في غاية من الغباوة فاكتفى في غالب الأبحاث بلفت نظر عامة العلماء إلى أهوائه البشعة، والتقي السبكي من ألطف أهل العلم لهجة وأنزههم لسانا مع من يرد عليهم. لكن حيث إن الناظم أسرف في ضلاله وإضلاله اضطر التقي في رده عليه إلى بعض إغلاظ في حقه صونا لمن عسى أن