أصحابه لان ذلك عندنا مما لا يجوز أن يكونوا قالوه بآرائهم وإنما قالوه من جهة ما وقفوا عليه فهم فيما قالوا في ذلك كمن أضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقد ثبت بتصحيح هذه الآثار أن الخروج بالحج لا يكون إلا بالطواف في البيت وقد أنكر قوم فسخ الحج وذكروا في ذلك ما حدثنا أحمد بن داود قال ثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال ثنا عبد الله بن رجاء عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حجاجا فما حللنا من شئ أحرمنا به حتى كان يوم النحر فمن الحجة على من أحتج بهذا أن بكر بن عبد الله قد روى عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قدموا مكة ملبين بالحج فقال من شاء أن يجعلها عمرة فليفعل إلا من كان معه الهدي وقد ذكر ذلك بإسناده في هذا الباب ففي هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل لهم أن يحلوا إن شاءوا إلا أنه عزم عليهم بذلك فيجوز أن يكونوا لم يحلوا وقد كان لهم أن يحلوا فقد عاد ذلك إلى فسخ الحج لمن شاء أن يفسخه إلى عمرة وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أيضا في ذلك ما حدثنا ابن مرزوق قال ثنا بشر بن عمر قال ثنا مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج وعمرة ومنا من أهل بالحج وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج فأما من أهل بعمرة فحل وأما من أهل بالحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر فقد يجوز أن يكون ذلك عندها كما كان عند بن عمر رضي الله عنهما على ما قد ذكرنا فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار وأما وجه ذلك من طريق النظر فإنا قد وجدنا الأصل أن من أحرم بعمرة وطاف لها وسعى أنه قد فرغ منها وله أن يحلق ويحل هذا إذا لم يكن ساق هديا ورأيناه إذا كان قد ساق هديا لمتعة فطاف لعمرته وسعى لم يحل من عمرته حتى يوم النحر فيحل منها ومن حجته إحلالا واحدا وبذلك جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جوابا لحفصة رضي الله عنها لما قالت له ما بال الناس حلوا ولم تحل أنت من عمرتك قال إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر فكان الهدي الذي ساقه لمتعته التي لا يكون عليه فيها هدي إلا بأن يحج بعدها يمنعه من أن يحل بالطواف حتى يوم النحر لان عقد إحرامه هكذا كان أن يدخل في عمرة فيتمها فلا يحل منها حتى يحرم بحجة ثم يحل منها ومن العمرة التي قدمها قبلها معا وكانت العمرة لو أمرهم بها منفردة حل منها بفراغه منها إذا حلق ولم ينتظر به يوم النحر
(١٩٦)