إلى الترخيص في السماع ولو مع العود واليراع. كذا قال الشوكاني في النيل، وقد أشبع الكلام في هذه المسألة في ذلك الكتاب إشباعا حسنا وقال في آخر كلامه: وإذا تقرر جميع ما حررناه من حجج الفريقين فلا يخفى على الناظر أن محل النزاع خرج عن دائرة الحرام لم يخرج عن دائرة الاشتباه، والمؤمنون وقافون عند الشبهات كما صرح به الحديث الصحيح، ومن تركها فقد استبرأ لعرضه ودينه، ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ولا سيما إذا كان مشتملا على ذكر القدود والخدود والجمال والدلال والهجر والوصال فإن سامع ما كان كذلك لا يخلو عن بلية وإن كان من التصلب في ذات الله على حد يقصر عنه الوصف. وكم لهذه الوسيلة الشيطانية من قتيل دمه مطلول وأسير بهموم غرامه وهيامه مكبول نسأل الله السداد والثبات.
قلت: وأخرج البخاري في كتاب الأشربة عن عبد الرحمن بن غنم قال: حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف)).
وأخرج ابن ماجة في كتاب الفتن بإسناد صححه ابن القيم عن أبي مالك الأشعري قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير)) انتهى.
والمعازف جمع معزفة وهي آلات الملاهي. ونقل القرطبي عن الجوهري أن المعازف الغناء والذي في صحاحه أنها اللهو وقيل صوت الملاهي. وفي حواشي الدمياطي المعازف الدفوف وغيرها مما يضرب به. ويطلق على الغناء عرف وعلى كل لعب عزف.
وأخرج أحمد عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله حرم الخمر والميسر والكوبة والغبراء كما وكل مسكر حرام)) انتهى.
والكوبة هي الطبل كما رواه البيهقي من حديث ابن عباس.
والغبيراء اختلف في تفسيرها فقيل الطنبور، وقيل العود، وقيل البربط قال ابن الأعرابي الكوبة النرد.
وأخرج الترمذي عن عمران بن الحصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف فقال رجل من المسلمين: يا رسول الله ومتى ذلك؟ قال إذا ظهرت القيان والمعازف وشربت الخمور)) رواه الترمذي وقال: هذا حديث غريب.
وأخرج أحمد عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله بعثني رحمة وهدى للعالمين وأمرني أن أمحق المزامير والكبارات يعني البرابط والمعازف والأوثان التي كانت تعبد في الجاهلية)) والحديث فيه ضعف.