لا مطعن في سندها ولا شبهة في دلالتها. فلو صح حديث ابن أبي العمياء وهو بعيد عن الصحة لوجب حمله على أن تلك صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم للسنة الراتبة كسنة الفجر والمغرب والعشاء وتحية المسجد ونحوها لا أن تلك صلاته التي كان يصليها بأصحابه دائما، وهذا مما يقطع ببطلانه وترده سائر الأحاديث الصحيحة الصريحة. ولا ريب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخفف بعض الصلاة كما كان يخفف سنة الفجر حتى تقول عائشة أم المؤمنين هل قرأ فيها بأم القرآن وكان يخفف الصلاة في السفر حتى كان ربما قرأ في الفجر بالمعوذتين، وكان يخفف إذا سمع بكاء الصبي. فالسنة التخفيف حيث خفف والتطويل حيث أطال والتوسط غالبا. فالذي أنكره أنس هو التشديد الذي لا يخفف صاحبه على نفسه مع حاجته إلى التخفيف، ولا ريب أن هذا خلاف سنته وهدية. انتهى كلام ابن القيم.
قلت: أخرج أبو داود والنسائي عن ابن جبير قال: سمعت أنس بن مالك يقول: ((ما صليت وراء أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه صلاة بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى يعني عمر بن عبد العزيز قال: فحزرنا في ركوعه عشر تسبيحات وفي سجوده عشر تسبيحات)) وإلى هذا الحديث أشار ابن القيم بقوله وهو القائل إن أشبه من رأي الخ.
والحديث سكت عنه المنذري.
(باب في اللعن) (قال سمعت نمران) بكسر أوله وسكون ثانيه ابن عتبة الذماري (صعدت) بكسر العين أي طلعت اللعنة وكأنها تتجسد (فتغلق) بصيغة المجهول من الإغلاق (دونها) أي قدام اللعنة (ثم تهبط) بكسر الموحدة أي تنزل (فتغلق أبوابها) أي أبواب الأرض ويفهم منه أن للأرض أيضا أبوابا كما للسماء (دونها) أي عندها، ودون يجئ بمعنى أمام ووراء (ثم تأخذ يمينا