(باب في الرجل يقوم للرجل من مجلسه) (جاءنا أبو بكرة) أي الثقفي صحابي جليل (في شهادة) أي لأداء شهادة كانت عنده (فقام له رجل من مجلسه) أي ليجلس هو فيه (فأبى) أي أبو بكرة (فيه) أي في ذلك المجلس (نهي عن ذا) أي أن يقوم أحد ليجلس غيره في مجلسه ذكره الطيبي. وقال القاري: والأظهر أن يكون إشارة إلى الجلوس في موضع يقوم منه أحد (أن يمسح الرجل يده) أي إذا كانت ملوثة بطعام مثلا (بثوب من لم يكسه) بفتح الياء وضم السين أي بثوب شخص لم يلبسه ذلك الرجل الثوب. والمراد منه النهي عن التصرف في مال الغير والتحكم على من لا ولاية له عليه.
والظاهر أن صاحب الثوب إذا كان راضيا يجوز له ذلك، وكذلك إذا علم أن الشخص قام عن المجلس بطيب خاطره فلا بأس بجلوسه، كما يستفاد قوله تعالى: * (تفسحوا في المجلس) * وكذا من قوله سبحانه: * (وإذا قيل انشزوا فانشزوا) * ومما يدل عليه حديث صدر الدابة أحق بصاحبها إلا إذا أذن وأمثال ذلك كثير في الفروع.
وفي الحديث دلالة على أنه لا بأس أن يمسح الرجل يده بثوب ابنه أو غلامه وغيرهما ممن ألبسه الثوب.
قال المنذري: قال أبو بكر البزار، وهذا الحديث لا نعلم أحدا يرويه إلا أبو بكرة ولا نعلم له طريقا إلا هذا الطريق، ولا نعلم أحدا سمى هذا الرجل يعني أبا عبد الله مولى قريش وإنما ذكرنا ما فيه لأنه لا يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه. هذا آخر كلامه. وقال فيه مولى قريش ووقع هنا مولى لآل أبي بردة. وقال أبو أحمد الكرابيسي: مولى أبي موسى الأشعري. وإذا قيل فيه مولى آل أبي بردة ومولى أبي موسى الأشعري فهو الصحيح لان أبا بردة إما أن يكون أخا أبي موسى أو ولد أبي موسى، وأيما كان فهو صحيح، فإذا قيل فيه مولى قريش فلا يصح إلا أن يكون الولاء انجر إليه والله عز وجل أعلم. وذكر الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي هذا الحديث. وقال رواه أبو عبد الله مولى لآل أبي بردة عن سعيد وهو غير معروف.