(فصنع مثل هذا) فيه دليل على أن المشروع لمن سمع الزمارة أن يصنع كذلك. واستشكل إذن ابن عمر لنافع بالسماع ويمكن أنه إذا ذاك لم يبلغ الحلم قاله الشوكاني.
قال الخطابي في المعالم: المزمار الذي سمعه ابن عمر هو صفارة الرعاء وقد جاء ذلك مذكورا في هذا الحديث من غير هذه الرواية، وهذا وإن كان مكروها فقد دل هذا الصنع على أنه ليس في غلظ الحرمة كسائر الزمور والمزاهر والملاهي التي يستعملها أهل الخلاعة والمجون ولو كان كذلك لأشبه أن لا يقتصر في ذلك على سد المسامع فقط دون أن يبلغ فيه من النكر مبلغ الردع والتنكيل، انتهى (قال أبو داود: هذا حديث منكر) هكذا قاله أبو داود ولا يعلم وجه النكارة فإن هذا الحديث رواته كلهم ثقات وليس بمخالف لرواية أوثق الناس.
وقد قال السيوطي: قال الحافظ شمس الدين بن عبد الهادي هذا حديث ضعفه محمد بن طاهر وتعلق على سليمان بن موسى وقد تفرد به وليس كما قال فسليمان حسن الحديث وثقة غير واحد من الأئمة، وتابعه ميمون بن مهران عن نافع وروايته في مسند أبي يعلى ومطعم بن المقدام الصنعاني عن نافع وروايته عند الطبراني، فهذان متابعان لسليمان بن موسى.
واعترض ابن طاهر على الحديث بتقريره صلى الله عليه وسلم على الراعي وبأن ابن عمر لم ينه نافعا وهذا لا يدل على إباحة لأن المحظور هو قصد الاستماع لا مجرد إدراك الصوت لأنه لا يدخل تحت تكليف، فهو كشم محرم طبيا فإنما يحرم عليه قصده لا ما جاءت به ريح لشمه، وكنظر فجأة بخلاف تتابع نظره فمحرم. وتقرير الراعي لا يدل على إباحة لأنها قضية عين فلعله سمعه بلا رؤيته أو بعيدا منه على رأس جبل أو مكان لا يمكن الوصول إليه أو لعل الراعي لم يكن مكلفا فلم يتعين الانكار عليه انتهى كلام السيوطي من مرقاة الصعود.
قلت: ورواية ميمون بن مهران ومطعم بن المقدام كلاهما عن نافع هي موجودة عند أبي داود لكن من رواية ابن داسة وابن الأعرابي وأبي الحسن ابن العبد عن أبي داود دون رواية اللؤلؤي كما سيجئ.
(حدثنا محمود بن خالد) بن يزيد الدمشقي السلمي وثقة النسائي (أخبرنا أبي) خالد بن