قلت: حديث عبد الرزاق بن همام عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة أخرجه البخاري في البيوع عن يحيى بن جعفر وفي النفقات عن يحيى ومسلم في الزكاة عن محمد بن رافع والمؤلف عن الحسن بن علي الخلال كلهم عن عبد الرزاق بالسند المذكور ولفظ مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا تصم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه وما أنفقت من كسبه من غير أمره فإن نصف أجره له)) والحديث صحيح قوي متصل الإسناد ليس فيه علة اتفق الشيخان على اخراجه والله أعلم.
(قال لا) أي لا يحل لها التصدق (إلا من قوتها) أي من قوت نفسها وهو ما أعطاها الزوج لتأكل، وهذا الذي قاله أبو هريرة هو موقوف عليه لكن أخرج الترمذي من حديث أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته عام حجة الوداع: ((لا تنفق امرأة شيئا " من بيت زوجها إلا بإذن زوجها، قيل يا رسول الله ولا الطعام قال ذاك أفضل أموالنا)) وقال حديث حسن.
فإن قلت: أحاديث هذا الباب جاءت مختلفة فمنها ما يدل على منع المرأة أن تنفق من بيت زوجها إلا بإذنه وهو حديث أبي أمامة المذكور، ومنها ما يدل على الإباحة بحصول الأجر لها في ذلك وهو حديث عائشة المذكور، ومنها ما قيد فيه الترغيب في الانفاق بكونه بطيب نفس منه وبكونها غير مفسدة وهو حديث عائشة أيضا، ومنها ما هو مقيد بكونها غير مفسدة وإن كان من غير أمره وهو حديث أبي هريرة، ومنها ما قيد الحكم فيه بكونه رطبا " وهو حديث سعد بن أبي وقاص. قلت: كيفية الجمع بينها أن ذلك يختلف باختلاف عادات البلاد وباختلاف حال الزوج من مسامحته ورضاه بذلك أو كراهته لذلك، وباختلاف الحال في الشئ المنفق بين أن يكون شيئا " يسيرا " يتسامح به وبين أن يكون له خطر في نفس الزوج يبخل بمثله، وبين أن يكون ذلك رطبا " يخشى فساده إن تأخر وبين أن يكون يدخر ولا يخشى عليه الفساد قاله العيني:
(والأجر بينهما) أي بين الزوجين (قال أبو داود هذا) أي حديث أبي هريرة الموقوف (يضعف حديث همام) بن منبه. واعلم أن هذه العبارة وجدت في بعض النسخ والأكثر عنها