(إذا أنفقت المرأة) أي تصدقت (من كسب زوجها) أي من ماله (من غير أمره) أي مع علمها برضى الزوج أو محمول على النوع الذي سومحت فيه من غير إذن (فلها نصف أجره) قيل هذا مفسر بما إذا أخذت من مال زوجها، أكثر من نفقتها وتصدقت به فعليها غرم ما أخذت أكثر منها فإذا علم الزوج ورضي بذلك فلها نصف أجره بما تصدقت من نفقتها ونصف أجره له بما تصدقت به أكثر من نفقتها لأن الأكثر حق الزوج. قاله القاري.
قال النووي: واعلم أنه لابد في العامل وهو الخازن وفي الزوجة والمملوك من إذن المالك في ذلك. فإن لم يكن أذن أصلا فلا أجر لأحد من هؤلاء الثلاثة بل عليهم وزر بتصرفهم في مال غيرهم بغير إذنه. والاذن ضربان أحدهما الاذن الصريح في النفقة والصدقة. والثاني الاذن المفهوم من اطراد العرف، كإعطاء السائل كسرة ونحوها مما جرت العادة واطراد العرف فيه وعلم بالعرف رضاء الزوج والمالك به فإذنه في ذلك حاصل وإن لم يتكلم، وهنا إذا علم رضاه لاطراد العرف وعلم أن نفسه كنفوس غالب الناس في السماحة بذلك والرضاء به فإن اضطرب العرف وشك في رضاه أو كان شحيحا " يشح بذلك وعلم من حاله ذلك أو شك فيه لم يجز للمرأة وغيرها التصدق في ماله إلا بصريح إذنه.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم ((وما أنفقت من كسبه من غير أمره فلها نصف أجره)) فمعناه من غير أمره الصريح في ذلك القدر المعين ويكون معها إذن عام سابق متناول لهذا القدر وغيره، وذلك الإذن الذي قد بيناه سابقا " إما بالصريح وإما بالعرف لا بد من هذا التأويل لأنه صلى الله عليه وسلم جعل الأجر مناصفة. ومعلوم أنها إذا أنفقت من غير إذن صريح ولا معروف من العرف فلا أجر لها بل عليها وزر فتعين تأويله. واعلم أن هذا كله مفروض في قدر يسير يعلم رضاء المالك به في العادة، فإن زاد على التعارف لم يجز، وهذا معنى، قوله صلى الله عليه وسلم ((إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة)) فأشار صلى الله عليه وسلم أنه قدر يعلم رضى الزوج به في العادة وبينه بالطعام أيضا " على ذلك لأنه يسمح به في العادة بخلاف الدراهم والدنانير في حق أكثر الناس وفي كثير من الأحوال. واعلم أن المراد بنفقة المرأة والعبد والخازن النفقة على عيال صاحب المال وغلمانه ومصالحه وقاصديه من ضيف وابن سبيل ونحوهما، وكذلك صدقتهم المأذون فيها بالصريح أو العرف والله أعلم انتهى. قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم انتهى.