ما بين التسليم والانصراف قريبا من السواء " قال النووي: فيه دليل على تخفيف القراءة والتشهد وإطالة الطمأنينة في الركوع والسجود وفي الاعتدال عن الركوع وعن السجود، ونحو هذا قول أنس أي في الحديث المذكور آنفا " ما صليت خلف أحد أوجز صلاة من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تمام " وقوله قريبا من السواء يدل على أن بعضها كان فيه طول يسير على بعض وذلك في القيام ولعله أيضا في التشهد. وأعلم أن هذا الحديث محمول على بعض الأحوال وإلا فقد ثبتت الأحاديث السابقة بتطويل القيام وأنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الصبح بالستين إلى المائة، وفي الظهر بألم تنزيل السجدة وأنه كان يقام الصلاة فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يرجع فيتوضأ ثم يأتي المسجد فيدرك الركعة الأولى، وأنه قرأ سورة المؤمنين حتى بلغ ذكر موسى وهارون، وأنه قرأ بالمغرب بالطور وبالمرسلات. هذا كله يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كانت له في إطالة القيام أحوال بحسب الأوقات وهذا الحديث الذي نحن فيه جرى في بعض الأوقات وقوله فجلسته ما بين التسليم والانصراف دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يجلس بعد التسليم شيئا يسيرا في مصلاه انتهى ملخصا. قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وفي رواية ما خلا القيام والقعود.
(باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود) (لا تجزى ء صلاة الرجل حتى يقيم ظهره) قال المظهر أي لا تجزى ء صلاة من لا يسوي ظهره (في الركوع والسجود) والمراد منهما الطمأنينة وهي واجبة عند الشافعي وأحمد في الركوع والسجود ونحوهما، وعند أبي حنيفة ليست بواجبة لأن الطمأنينة أمر و الاعتدال أمر كذا ذكره الطيبي. قلت: الحديث حجة على من لم يقل بوجوب الطمأنينة فيهما، وسيأتي مزيد بيان في هذا في حديث أبي هريرة الآتي. قال المنذري: وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.