يختلفون في اسناده، قال إنما قصر به مالك وقد أسنده عدة منهم ابن عجلان وعبد العزيز بن أبي سلمة. انتهى. قال ابن عبد البر: وفي حديث أبي سعيد دلالة قوية لقول مالك والشافعي والثوري وغيرهم أن الشاك يبني على اليقين ولا يجزيه التحري. وقال أبو حنيفة إن كان ذلك أول ما شك استقبل وإن اعتراه غير مرة تحرى. وليس في شئ من الأحاديث فرق بين اعتراه ذلك أول مرة أو مرة بعد مرة. قال أحمد: الشك على وجهين: اليقين والتحري فمن رجع إلى اليقين ألغى الشك وسجد قبل السلام على حديث أبي سعيد، وإذا رجع إلى التحري وهو أكثر الوهم سجد للسهو بعد السلام على حديث ابن مسعود الذي يرويه منصور وهو حديث معلول. وقال جماعة التحري هو الرجوع إلى اليقين، وعلى هذا يصح استعمال الخبرين بمعنى واحد، وأي تحر يكون لمن انصرف وهو شاك غير متيقن ومعلوم أن من تحرى على أغلب ظنه أن شعبة من الشك تصحبه. انتهى. وتقدم بيان ذلك من كلام الخطابي رحمة الله.
(باب من قال يتم على أكثر ظنه) قال به الحنفية. قال الزيلعي: وعند الحنفية إن كان له ظن بنى على غالب ظنه وإلا فبنى على اليقين، وحجتهم حديث ابن مسعود من طريق منصور ومذهب الشافعي أنه يبنى على اليقين مطلقا في الصور كلها، ويأخذ بحديث الخدري وحديث عبد الرحمن بن عوف انتهى.
قال النووي: حديث ابن مسعود من طريق منصور دليل لأبي حنيفة وموافقيه من أهل الكوفة وغيرهم من أهل الرأي على أن من شك في صلاته في عدد ركعات تحرى وبنى على غالب ظنه، ولا يلزمه الاقتصار على الأقل والإتيان في الزيادة، وظاهر حديث ابن مسعود حجة لهم.
ثم اختلف هؤلاء فقال أبو حنيفة ومالك في طائفة هذا لمن اعتراه الشك مرة بعد أخرى، وأما غيره فيبني على اليقين وقال آخرون هو على عمومه. وذهب الشافعي والجمهور إلى حديث أبي سعيد المتقدم وهو صريح في وجوب البناء على اليقين. فإن قالت الحنفية: حديث أبي سعيد لا يخالف ما قلنا لأنه ورد في الشك وهو ما استوى طرفاه، ومن شك ولم يترجح له أحد الطرفين بنى على الأقل بالإجماع بخلاف من غلب على ظنه أنه صلى أربعا مثلا، فالجواب أن تفسير الشك بمستوى الطرفين، إنما هو اصطلاح طارئ للأصوليين، وأما في اللغة فالتردد بين وجود الشيء وعدمه كله يسمى شكا سواء المستوي، والراجح والمرجوح، والحديث يحمل