في زمانه (لا يقول القوم خلف الإمام سمع الله لمن حمده إلخ) قال الخطابي: اختلف الناس فيما يقوله المأموم إذا رفع رأسه من الركوع، فقالت طائفة يقتصر على ربنا لك الحمد وهو الذي جاء به الحديث لا يزيد عليه، هذا قول الشعبي، وإليه ذهب مالك وأحمد، وقال أحمد إلى هذا انتهى أمر النبي صلى الله عليه وسلم وقالت طائفة يقول سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد يجمع بينهما وهو قول ابن سيرين وعطاء، وإليه ذهب الشافعي وهو مذهب أبي يوسف ومحمد. قلت:
وهذه الزيادة وإن لم تكن مذكورة في الحديث أيضا فإنها مأمور بها الإمام وقد جاء " إنما جعل الإمام ليؤتم به " فكان هذا في جميع أقواله وأفعاله والإمام يجمع بينهما وكذلك المأموم، وإنما كان القصد بما جاء في الحديث مداركة الدعاء والمقاربة بين القولين ليستوجب به دعاء الإمام وهو قول سمع الله لمن حمده ليس بيان كيفية الدعاء والأمر بالاستيفاء وجميع ما يقال في ذلك المقام إذا قد وقعت الغنية بالبيان المتقدم فيه انتهى.
(باب الدعاء بين السجدتين) (اللهم اغفر لي) أي ذنوبي أو تقصيري في طاعتي (وارحمني) أي من عندك لا بعملي أو ارحمني بقبول عبادتي (و عافني) من البلاء في الدارين أو من الأمراض الظاهرة والباطنة (واهدني) لصالح الأعمال أو ثبتني على دين الحق (وارزقني) رزقا حسنا أو توفيقا في الدرجة أو درجة عالية في الآخرة. والحديث يدل على مشروعية الدعاء بهذه الكلمات في القعدة بين السجدتين، وهي نغم في الفرائض والسنن، وهذا هو الصحيح القوي. قال المنذري:
وأخرجه الترمذي وابن ماجة وقال الترمذي هذا حديث غريب، وقال وروى بعضهم هذا الحديث عن كامل أبي العلاء مرسلا هذا آخر كلامه. وكامل هو أبو العلاء ويقال أبو عبيد الله كامل بن العلاء التميمي السعدي الكوفي وثقه يحيى بن معين وتكلم فيه غيره.