(باب كراهية الوسوسة وحديث النفس في الصلاة) (فأحسن وضوءه) أي أتمه بآدابه (لا يسهو فيهما) أي لا يغفل فيهما قال الطيبي: أي يكون حاضر القلب أو يعبد الله كأنه يراه. كذا في المرقاة قلت: روى مسلم عن حمران مولى عثمان، أنه رأى عثمان، دعا بإناء فأفرغ على كفيه ثلاث مرات الحديث. وفيه ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه " فلو أريد بقوله لا يسهو فيهما أي لا يحدث فيهما نفسه لكان أولى. والأحاديث يفسر بعضها بعضا، وحينئذ يظهر مطابقة الحديث أتم ظهور. قال النووي: المراد بقوله لا يحدث فيهما نفسه أي لا يحدث بشئ من أمور الدنيا وما لا يتعلق بالصلاة، ولو عرض له حديث فأعرض عنه لمجرد عروضه عفى عنه ذلك وحصلت له هذه الفضيلة إن شاء الله تعالى لأن هذا ليس من فعله وقد عفى لهذه الأمة عن الخواطر التي تعرض ولا تستقر. وهذا موضع الترجمة (غفر له ما تقدم من ذنبه) قيد بالصغائر وإن كان ظاهره شمول الكبائر.
(فيحسن الوضوء) من الإحسان (يقبل) من الإقبال وهو خلاف الإدبار أي يتوجه، وفي رواية مسلم مقبل (بقلبه ووجهه) أراد بوجهه ذاته أي يقبل على الركعتين بظاهره وباطنه. قال النووي: وقد جمع صلى الله عليه وسلم بهاتين اللفظتين أنواع الخضوع والخشوع لأن الخضوع في الأعضاء والخشوع بالقلب، وقد تقدم الحديث في كتاب الطهارة مطولا.