(باب الجمعة في القرى) في هذه الترجمة إشارة إلى خلاف من خص الجمعة بالمدن دون القرى، والقرية واحدة القرى كل مكان اتصلت فيه الأبنية واتخذ قرارا، ويقع ذلك على المدن وغيرها. والأمصار المدن الكبار واحدها مصر، والكفور القرى الخارجة عن المضر واحدها كفر بفتح الكاف (طهمان) بفتح المهملة وسكون الهاء الخراساني (عن أبي جمرة) بالجيم والراء نصر بن عبد الرحمن بن عصام (جمعت) بضم الجيم وتشديد الميم المكسورة (بجواثا قرية من قرى البحرين) بضم الجيم وتخفيف الواو وقد تهمز ثم مثلثة خفيفة وهي قرية من قرى عبد القيس أو مدينة أو حصن أو قرية من قرى البحرين. وفيه جواز إقامة الجمعة في القرى لأن الظاهر أن عبد القيس لم يجمعوا إلا بأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما عرف من عادة الصحابة من عدم الاستبداد بالأمور الشرعية في زمن نزول الوحي، ولأنه لو كان ذلك لا يجوز لنزل فيه القرآن كما استدل بذلك جابر وأبو سعيد في جواز العزل بأنهم فعلوا والقرآن ينزل فلم ينهوا عنه وحكى الجوهري والزمخشري وابن الأثير أن جواثى اسم حصن البحرين. قال الحافظ: وهذا لا ينافي كونها قرية. وحكى ابن التين عن أبي الحسن اللخمي أنها مدينة، وما ثبت في نفس الحديث من كونها قرية أصح مع احتمال أن تكون في أول الأمر قرية ثم صارت مدينة. وذهب أبو حنيفة وأصحابه، وأسنده ابن أبي شيبة عن علي وحذيفة وغيرهما أن الجمعة لا تقام إلا في المدن دون القرى، واحتجوا بما روي عن علي مرفوعا: " لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع " و قد ضعف أحمد رفعه وصحح ابن حزم وقفه، وللاجتهاد فيه مسرح فلا ينتهض للاحتجاج به. وقد روى ابن أبي شيبة عن عمر أنه كتب إلى أهل البحرين أن جمعوا حيث ما كنتم، و هذا يشمل المدن والقرى وصححه ابن خزيمة، وروى البيهقي من طريق الوليد بن مسلم سألت الليث بن سعد فقال كل مدينة أو قرية فيها جماعة أمروا بالجمعة، فإن أهل مصر وسواحلها كانوا يجمعون على عهد عمر وعثمان بأمرهما، وفيهما رجال من الصحابة.
(٢٨٠)