(باب تفريع أبواب الجمعة) (فيه) أي يوم جمعة (خلق آدم) الذي هو مبنى العالم (وفيه أهبط) أي أنزل من الجنة إلى الأرض لعدم تعظيمه يوم الجمعة بما وقع له من الزلة ليتداركه بعد النزول في الطاعة والعبادة فيرتقي إلى أعلى درجات الجنة، وليعلم قدر النعمة لأن المنحة تتبين عند المحنة، والظاهر أن أهبط هنا بمعنى أخرج. وفي رواية لمسلم " فيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها " قيل: كان الإخراج من الجنة إلى السماء والإهباط منها إلى الأرض، فيفيد أن كلا منهما كان يوم الجمعة إما في يوم واحد وإما في يومين والله أعلم. (تيب عليه) وهو ماض مجهول من تاب أي وفق للتوبة وقبلت التوبة منه وهي أعظم المنة عليه. قال الله تعالى: (ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى) (وفيه) أي في نحوه من أيام الجمعة (مات) والموت تحفة المؤمنين كما ورد عن ابن عمر مرفوعا رواه الحاكم والبيهقي وغيرهما. قال القاضي: لا شك أن خلق آدم فيه يوجب له شرفا، وكذا وفاته فإنه سبب لوصوله إلى الجناب الأقدس والخلاص عن النكبات (وفيه تقوم الساعة) وفيها نعمتان عظيمتان للمؤمنين وصولهم إلى النعيم المقيم وحصول أعدائهم في عذاب الجحيم.
(وما من دابة) زيادة من لإفادة الاستغراق في النفي (إلا وهي مسيخة) بالسين بإبدال الصاد سينا، ويروى مصيخة بالصاد وهما لغتان أي منتظرة لقيام الساعة، قال الخطابي: قوله مسيخة معناه مصيخة مستمعة يقال أصاخ وأساخ بمعنى واحد. انتهى (يوم الجمعة) ووجه إصاخة كل دابة وهي ما لا يعقل هو أن الله تعالى يجعلها ملهمة بذلك مستشعرة عنه فلا عجب