إلى جذع، فقال إن القيام قد شق علي فقال له تميم الداري ألا أعمل لك منبرا كما رأيت يصنع بالشام؟ فشاور النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين في ذلك فرأوا أن يتخذه فقال العباس بن عبد المطلب إن لي غلاما يقال له كلاب أعم الناس فقال مرة أن يعمل " الحديث قال الحافظ: رجاله ثقات إلا الواقدي، قال وليس في حديث ابن عمر هذا التصريح بأن الذي اتخذ المنبر تميم الداري، بل قد تبين من رواية ابن سعد أن تميما لم يعمله. وأشبه الأقوال بالصواب قول من قال هو ميمون انتهى.
فإن قلت: قد ثبت في حديث سهل بن سعد من طريق عبد العزيز بن أبي حازم عند مسلم أن أعواد المنبر كانت ثلاث درجات، وكذا عند ابن ماجة من حديث الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جذع إذا كان المسجد عريشا، وكان يخطب إلى ذلك الجذع، فقال رجل من أصحابه يا رسول الله هل لك أن تجعل لك منبرا تقوم عليه يوم الجمعة وتسمع الناس يوم الجمعة خطبتك؟ قال نعم، فصنع له ثلاث درجات، الحديث وفي حديث ابن عمر هذا اتخذ له منبرا درجتين فكيف التوفيق بينهما؟ قلت: إن المنبر لم يزل على حاله ثلاث درجات حتى زاده مروان في خلافة معاوية ست درجات من أسفله، والذي قال مرقاتين لم يعتبر الدرجة التي كان يجلس عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ابن نجار وغيره: استمر على ذلك إلا ما أصلح منه إلى أن احترق مسجد المدينة سنة أربع وخمسين وستمائة فاحترق قاله العيني والله أعلم.
(باب موضع المنبر) أين يكون في المسجد، فثبت أن يكون عند جدار القبلة.
(كان بين منبر رسول الله) ورواه الإسماعيلي من طريق أبي عاصم عن يزيد بن أبي عبيد بلفظ: " كان المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بينه وبين حائط القبلة إلا قدر ما يمر العنز " ولفظ مسلم من طريق حماد بن مسعدة عن يزيد عن سلمة قال: " كان بين المنبر والقبلة قدر ممر الشاة "