الحديث. ومن أحمد روايتان، وذكر الخلال أن أحمد رجع إلى القول بها ولم يستحبها الأكثر، واحتج الطحاوي بخلو حديث أبي حميد عنها، فإنه ساقه بلفظ: فقام ولم يتورك. وأخرجه أبو داود أيضا كذلك قال فلما تخالفا احتمل أن يكون ما فعله في حديث مالك بن الحويرث لعلة كانت به فقعد لأجلها لا أن ذلك من سنة الصلاة، ثم قوى ذلك بأنها لو كانت مقصودة لشرع لها ذكر مخصوص، وتعقب بأن الأصل عدم العلة وبأن مالك بن الحويرث هو راوي حديث " صلوا كما رأيتموني أصلي " فحكاياته لصفات صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم داخلة تحت هذا الأمر. واستدل بحديث أبي حميد المذكور على عدم وجوبها فكأنه تركها لبيان الجواز. وتمسك من لم يقل باستحبابها بقوله صلى الله عليه وسلم " لا تبادروني بالقيام والقعود فإني قد بدنت " فدل على أنه كان يفعلها لهذا السبب فلا يشرع إلا في حق من اتفق له نحو ذلك. وأما الذكر المخصوص فإنها جلسة خفيفة جدا استغنى فيها بالتكبير المشروع للقيام فإنها من جملة النهوض إلى القيام، ومن حيث المعنى أن الساجد يضع يديه وركبتيه ورأسه مميزا لكل عضو وضع، فكذا ينبغي إذا رفع رأسه ويديه أن يميز رفع ركبتيه، وإنما يتم ذلك بأن يجلس ثم ينهض قائما، نبه عليه ناصر الدين بن المنير في الحاشية. ولم تتفق الروايات عن أبي حميد على نفي هذه الجلسة كما يفهمه صنيع الطحاوي بل أخرجه أبو داود أيضا من وجه آخر عنه بإثباتها، وسيأتي ذلك عند الكلام على حديثه بعد بابين إن شاء الله تعالى.
وأما قول بعضهم لو كانت سنة لذكرها كل من وصف صلاته، فيقوي أنه فعلها للحاجة ففيه نظر، فإن السنن المتفق عليها لم يستوعبها كل واحد ممن وصف وإنما أخذ مجموعها عن مجموعهم. كذا في فتح الباري. قال المنذري: وأخرجه البخاري والنسائي.
(قال) أي أبو قلابة (فقعد) أي مالك بن الحويرث (في الركعة الأولى حين رفع رأسه من السجدة الآخرة) كذا قيد في هذه الرواية والمتقدمة الركعة بالأولى، لكن الرواية الآتية بلفظ إذا كان في وتر من صلاته وهو عام لكل فرد من الركعات.