(باب كراهية الاعتماد على اليد في الصلاة) (حدثنا أحمد بن حنبل وأحمد بن محمد) سيجيء بيان ألفاظ شيوخ المؤلف في هذا الحديث وهناك تظهر لك الرواية الراجحة من الرواية المرجوحة. قال ابن رسلان في شرح السنن: وقال ابن عبد الملك في روايته: نهي أن يعتمد الرجل على يديه إذا نهض في الصلاة.
قال شارح المصابيح: يعني لا يضع يديه على الأرض ولا يتكئ عليها إذا نهض للقيام، وهذه الرواية حجة للحنفية، واختيار الخرقي وهو مروي عن عمر وعلي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وبه يقول مالك وأصحاب الرأي، وقال أحمد أكثر الأحاديث على أنه لا يجلس للاستراحة ولا يضع يديه معتمدا عليهما. وذهب الشافعي إلى أنه يجلس، وبه قال مالك بن الحويرث وأبو حميد ورواية عن أحمد.
وحجة الشافعية حديث مالك بن الحويرث " أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدا " رواه البخاري. وأجابوا عن قول أحمد أنه الذي عليه أكثر الأحاديث، فمراده أن أكثر الأحاديث ليس فيها ذكر الجلسة إثباتا ولا نفيا واحتجوا على الاعتماد على الأرض للقيام بحديث أيوب السختياني عن أبي قلابة وفيه " فإذا رأسه من السجدة الثانية جلس واعتمد على الأرض ثم قام " رواه البخاري في صحيحه. وأجابوا عن حديث ابن عمر هذا بأنه ضعيف من وجهين. أحدهما أن رواية محمد بن عبد الملك مجهول. والثاني أنه مخالف لرواية الثقات لأن أحمد بن حنبل رفيق محمد بن عبد الملك الغزال بفتح الغين المعجمة والزاي المشددة في الرواية لهذا الحديث عن عبد الرزاق وقال فيه: نهي أن يجلس الرجل في الصلاة وهو يعتمد على يده، ولم يقل بالاعتماد على إحدى اليدين دون الأخرى أحد وقد علم من قاعدة المحدثين وغيرهم أن من خالف الثقات كان حديثه شاذا مردودا، وعلى تقدير صحة هذا الرواية فهي محمولة على أنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في آخر عمره عند كبره وضعفه، وهذا فيه جمع بين الأخبار أو محمول على أنه فعله مرة لبيان الجواز. انتهى كلام ابن رسلان رحمه الله بلفظه. انتهى.