منه) قال شارح المصابيح: اعلم أن هذه الواقعة لا تجوز أن تكون في جميع الأزمان لأن من يقدر على تعلم هذه الكلمات لا محالة يقدر على تعلم الفاتحة، بل تأويله لا أستطيع أن أتعلم شيئا من القرآن في هذه الساعة وقد دخل علي وقت الصلاة فإذا فرغ من تلك الصلاة لزمه أن يتعلم (هذا لله) أي ما ذكر من الكلمات ذكر لله مختص له أذكره به (فمالي) أي علمني شيئا يكون لي فيه دعاء واستغفار وأذكره لي عند ربي (اللهم ارحمني) أي بترك المعاصي أبدا أو بغفرانها (وارزقني) أي رزقا حلالا طيبا كافيا مغنيا عن الأنام، أو التوفيق والقبول وحسن الاختتام (وعافني) من آفات الدارين (واهدني) أي ثبتني على دين الإسلام أو دلني على متابعة الأحكام (قال) أي فعل الرجل (هكذا) قال الطيبي أي أشار إشارة مثل هذه الإشارة المحسوسة (بيده) تفسير وبيان. وفي المشكاة بيديه وقبضهما. قال القاري: وفي نسخة فقبضهما فقيل أي عد تلك الكلمات بأنامله، وقبض كل أنملة بعدد كل كلمة. قال ابن حجر ثم بين الراوي المراد بالإشارة بهما فقال وقبضهما أي إشارة إلى أنه يحفظ ما أمره به كما يحفظ الشئ النفيس بقبض اليد عليه. وظاهر السياق أن المشير هو المأمور أي حفظت ما قلت لي وقبضت عليه فلا أضيعه ويؤيده قول الراوي (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما هذا فقد ملأ يده من الخير) قال ابن حجر المكي كناية عن أخذه مجامع الخير بامتثاله لما أمر به ويصح أن يكون المشير هو عليه السلام حملا له على الامتثال والحفظ لما أمر به، وحينئذ فيكون معنى قوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فهم من ذلك الرجل الامتثال فبشره ومدحه بأنه ظفر بما لم يظفر به غيره كذا في المرقاة. قال الخطابي: الأصل أن بالصلاة لا تجزئ إلا بقراءة فاتحة الكتاب ومعقول أن قراءة فاتحة الكتاب على من أحسنها دون من لا يحسنها، فإذا كان المصلي لا يحسنها ويحسن غيرها من القرآن كان عليه أن يقرأ منها قدر سبع آيات لأن أولى الذكر بعد الفاتحة ما كان مثلا لها من القرآن، وإن كان رجلا ليس في وسعه أن يتعلم شيئا من القرآن لعجز في طبعه أو سوء حفظ أو عجمة لسان أو آفة تعرض له كان أولى الذكر بعد القرآن ما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم من التسبيح
(٤٣)