وفي إسناده بقية، وصحح الدارقطني وغيره إرساله، والحديث دليل على أن صلاة الجمعة بعد صلاة العيد تصير رخصة يجوز فعلها ولا تركها، وهو خاص بمن صلى العيد دون من لم يصلها.
وإلى هذا ذهب جماعة إلا في حق الإمام وثلاثة معه. وذهب الشافعي وجماعة إلى أنها لا تصير رخصة مستدلين بأن دليل وجوبها عام لجميع الأيام، وما ذكر من الأحاديث والآثار لا يقوى على تخصيصها لما في أسانيدها من المقال.
قال في السبل: قلت حديث زيد بن أرقم قد صححه ابن خزيمة، ولم يطعن غيره فيه فهو يصلح للتخصيص فإنه يخص العام بالآحاد انتهى. وفي النيل: حديث زيد بن أرقم أخرجه أيضا الحاكم وصححه علي بن المديني وفي إسناده إياس بن أبي رملة وهو مجهول انتهى وذهب عطاء إلى أنه يسقط فرضها عن الجميع لظاهر قوله: " من شاء أن يصلي فليصل " ولفعل ابن الزبير فإنه صلى بهم في يوم عيد صلاة العيد يوم الجمعة، قال ثم جئنا إلى الجمعة فلم يخرج إلينا فصلينا وحدانا. قال: وكان ابن عباس في الطائف فلما قدم ذكرنا له ذلك فقال أصاب السنة وفي رواية عن ابن الزبير أنه قال عيدان اجتمعا في يوم واحد فجمعتهما فصلاهما ركعتين بكرة لم يزد عليهما حتى صلى العصر.
وعلى القول بأن الجمعة الأصل في يومها والظهر بدل فهو يقتضي صحة هذا القول لأنه إذا سقط وجوب الأصل مع إمكان أدائه سقط البدل، وظاهر الحديث أيضا حيث رخص لهم في الجمعة ولم يأمرهم بصلاة الظهر مع تقدير إسقاط الجمعة للظهر يدل على ذلك كما قاله الشارح المغربي في شرح بلوغ المرام وأيد مذهب ابن الزبير.
قال في السبل قلت ولا يخفى أن عطاء أخبر أنه لم يخرج ابن الزبير لصلاة الجمعة وليس ذلك بنص قاطع أنه لم يصل الظهر في منزله، فالجزم بأن مذهب ابن الزبير سقوط صلاة الظهر في يوم الجمعة يكون عيدا على من صلى صلاة العيد لهذه الرواية غير صحيح لاحتمال أنه صلى الظهر في منزله، بل في قول عطاء إنهم صلوا وحدانا أي الظهر ما يشعر بأنه لا قائل بسقوطه، ولا يقال إن مراده صلاة الجمعة وحدانا فإنها لا تصح إلا جماعة إجماعا. ثم القول بأن الأصل في يوم الجمعة صلاة الجمعة والظهر بدل عنها قول مرجوح، بل الظهر هو الفرض الأصلي المفروض ليلة الإسراء والجمعة متأخرة فرضها. ثم إذا فاتت وجب الظهر اجماعا فهي البدل عنه. وقد حققناه في رسالة مستقلة انتهى كلام محمد بن إسماعيل الأمير. قال المنذري:
وأخرجه النسائي وابن ماجة.