انتهى. ثم أخرج البيهقي من طريق عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال كل قرية فيها أربعون رجلا فعليهم الجمعة " ومن طريق سليمان بن موسى " أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أهل المياه فيما بين الشام ومكة جمعوا إذا بلغتم أربعين رجلا " قال البيهقي وروينا عن أبي المليح الرقي أنه قال أتانا كتاب عمر بن عبد العزيز " إذا بلغ أهل القرية أربعين رجلا فليجمعوا " وعن جعفر بن برقان قال " كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن عدي الكندي أنظر كل قرية أهل قرار ليسوا هم بأهل عمود ينتقلون فأمر عليهم أميرا ثم مره فليجمع بهم. " وحكى الليث بن سعد أن أهل الإسكندرية ومدائن مصر ومدائن سواحلها كانوا يجمعون الجمعة على عهد عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان بأمرهما وفيها رجال من الصحابة. وكان الوليد بن مسلم يروي عن شيبان عن مولى لآل سعيد بن العاص أنه سأل ابن عمر عن القرى التي بين مكة والمدينة ما ترى في الجمعة قال نعم إذا كان عليهم أمير فليجمع انتهى كلام البيهقي. وفي المصنف عن مالك كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المياه بين مكة والمدينة يجمعون انتهى.
هذه الآثار للسلف في صحة الجمعة في القرى ويكفي لك عموم آية القرآن الكريم (إذا نودي للصلاة) الآية ولا ينسخها أو لا يخصصها إلا آية أخرى أو سنة ثابتة صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تنسخها آية ولم يثبت خلاف ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
واعلم أن جماعة من الأئمة استدلوا بحديث كعب بن مالك وما ذكر من الآثار على اشتراط أربعين رجلا في صلاة الجمعة وقالوا إن الأمة أجمعت على اشتراط العدد والأصل الظهر فلا تصلح الجمعة إلا بعدد ثابت بدليل، وقد ثبت جوازها بأربعين فلا يجوز بأقل منه إلا بدليل صحيح، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " صلوا كما رأيتموني أصلي " قالوا ولم تثبت صلاته لها بأقل من أربعين.
وأجيب عن ذلك بأنه لا دلالة في الحديث على اشتراط الأربعين لأن هذه واقعة عين وذلك أن الجمعة فرضت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة قبل الهجرة كما أخرجه الطبراني عن ابن عباس فلم يتمكن من إقامتها هنالك من أجل الكفار، فلما هاجر من هاجر من أصحابه إلى المدينة كتب إليهم يأمرهم أن يجمعوا فجمعوا واتفق أن عدتهم إذا كانت أربعين، وليس فيه ما يدل على أن من دون الأربعين لا تنعقد بهم الجمعة. وقد تقرر أن وقائع الأعيان لا يحتج بها على العموم. وروى عبد بن حميد وعبد الرزاق عن محمد بن سيرين قال جمع أهل المدينة قبل أن يقدم النبي صلى الله عليه وسلم وقبل أن تنزل الجمعة. قالت الأنصار لليهود يوم يجمعون فيه كل أسبوع وللنصارى مثل ذلك فهلم فلنجعل يوما نجمع فيه فنذكر الله تعالى ونشكره فجعلوه يوم