(فقال أصاب السنة) الحديث رجاله رجال الصحيح، وحكي عن الشافعي في أحد قوليه، وأكثر الفقهاء أنه لا ترخيص لأن دليل وجوبها لم يفصل وأحاديث الباب ترد عليهم وحكي عن الشافعي أيضا أن الترخيص يختص بمن كان خارج المصر، واستدل له بقول عثمان " من أراد من أهل العوالي أن يصلي معنا الجمعة فليصل ومن أحب أن ينصرف فليفعل " ورده بأن قول عثمان لا يخصص قوله صلى الله عليه وآله وسلم. قاله الشوكاني. قال في رحمة الأمة إذا اتفق يوم عيد يوم جمعة فالأصح عند الشافعي أن الجمعة لا تسقط عن أهل البلد بصلاة العيد، وأما من حضر من أهل القرى فالراجح عنده سقوطها عنهم فإذا صلوا العيد جاز لهم أن ينصرفوا ويتركوا الجمعة. وقال أبو حنيفة بوجوب الجمعة على أهل البلد. وقال أحمد لا تجب الجمعة لا على أهل قرى ولا على أهل البلد بل يسقط فرض الجمعة بصلاة العيد ويصلون الظهر. وقال عطاء تسقط الجمعة والظهر معا في ذلك اليوم فلا صلاة بعد العيد إلا العصر.
انتهى قال المنذري: وأخرجه النسائي من حديث وهب بن كيسان عن ابن عباس نحوه مختصرا.
(لم يزد عليهما حتى صلى العصر) قال الشوكاني: ظاهره أنه لم يصل الظهر. وفيه أن الجمعة إذا سقطت بوجه من الوجوه المسوغة لم يجب على من سقطت عنه أن يصلي الظهر، وإليه ذهب عطاء، والظاهر أنه يقول بذلك القائلون بأن الجمعة الأصل. وأنت خبير بأن الذي افترضه الله تعالى على عباده في يوم الجمعة هو صلاة الجمعة فإيجاب صلاة الظهر على من تركها لعذر أو لغير عذر محتاج إلى دليل ولا دليل يصلح للتمسك به على ذلك فيما أعلم انتهى كلامه. قلت: هذا قول باطل والصحيح ما قاله الأمير اليماني في سبل السلام. قال ابن تيمية في المنتقى بعد أن ساق الرواية المتقدمة عن ابن الزبير قلت إنما وجه هذا أنه رأى تقدمة الجمعة قبل الزوال فقدمها واجتزأ بها عن العيد انتهى.