ويؤيده ما أخرجه ابن ماجة عن ابن عمر قال " إن أهل قباء كانوا يجمعون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة " وسنده حسن. وأخرج الترمذي عن رجل من أهل قباء عن أبيه وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال " أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نشهد الجمعة من قباء " انتهى. وفيه رجل مجهول. وقباء موضع بقرب المدينة من جهة الجنوب نحو ميلين. وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن ثابت قال: كان أنس يكون في أرضه وبينه وبين البصرة ثلاثة أميال فيشهد الجمعة بالبصرة.
وأخرج أبو داود في المراسيل من طريق محمد بن سلمة المرادي عن ابن وهب عن ابن لهيعة أن بكير بن الأشج حدثه " أنه كان بالمدينة تسعة مساجد مع مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تسمع أهلها تأذين بلال على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلون في مساجدهم ". ولفظ البيهقي في المعرفة:
أنبأني أبو عبد الله عن أبي الوليد حدثنا إبراهيم بن علي حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا ابن لهيعة عن بكير بن الأشج قال حدثني أشياخنا " أنهم كانوا يصلون في تسع مساجد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يسمعون أذان بلال، فإذا كان يوم الجمعة حضروا كلهم مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ". وقال أبو بكر بن المنذر: روينا عن ابن عمر أنه كان يقول " لا جمعة إلا في المسجد الأكبر الذي فيه الإمام " انتهى كلام البيهقي. وقال الحافظ في التلخيص: وروى البيهقي أن أهل ذي الحليفة كانوا يجمعون بالمدينة، قال: ولم ينقل أنه أذن لأحد في إقامة الجمعة في شئ من مساجد المدينة ولا في القرى التي بقربها. انتهى. وقال الأثرم لأحمد بن حنبل: أجمع جمعتين في مصر قال: لا أعلم أحدا فعله. وقال ابن المنذر: لم يختلف الناس أن الجمعة لم تكن تصلى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد الخلفاء الراشدين إلا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم. و في تعطيل الناس مساجدهم يوم الجمعة واجتماعهم في مسجد واحد أبين البيان بأن الجمعة خلاف سائر الصلوات، وأنها لا تصلى إلا في مكان واحد.
وذكر الخطيب في تاريخ بغداد أن أول جمعة أحدثت في الإسلام في بلد مع قيام الجمعة القديمة في أيام المعتضد في دار الخلافة من غير بناء مسجد لإقامة الجمعة، وسبب ذلك خشية الخلفاء على أنفسهم في المسجد العام، وذلك في سنة ثمانين ومائتين، ثم بني في أيام المكتفى مسجد فجمعوا فيه.
وذكر ابن عساكر في مقدمة تاريخ دمشق أن عمر كتب إلى أبي موسى وإلى عمرو بن العاص وإلى سعد بن أبي وقاص أن يتخذ مسجدا جامعا للقبائل فإذا كان يوم الجمعة انضموا إلى المسجد الجامع فشهدوا الجمعة. وقال ابن المنذر: لا أعلم أحدا قال بتعداد الجمعة غير عطاء. انتهى كلام الحافظ.