قال أصحاب السبل: ودل الحديث على وجوب التسليم على اليمين واليسار وإليه ذهب جماعة، وذهب الشافعي إلى أن الواجب تسليمة واحدة والثانية مسنونة. قال النووي: أجمع العلماء الذين يعتد بهم على أنه لا يجب إلا تسليمة واحدة فإن اقتصر عليها استحب له أن يسلم تلقاء وجهه، فإن سلم تسليمتين جعل الأولى عن يمينه والثانية عن يساره: ولعل حجة الشافعي حديث عائشة " أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أوتر بتسع ركعات لم يقعد إلا في الثامنة فيحمد الله ويذكره ويدعو ثم ينهض ولا يسلم ثم يصلي التاسعة فيجلس ويذكر الله ويدعو ثم يسلم تسليمة " أخرجه ابن حبان وإسناده على شرط مسلم. وأجيب عنه بأنه لا يعارض حديث الزيادة كما عرفت من قبول الزيادة إذا كانت من عدل. وعند مالك أن المسنون تسليمة واحدة.
وقد بين ابن عبد البر ضعف أدلة هذا القول من الأحاديث. واستدل المالكية على كفاية التسليمة الواحدة بعمل أهل المدينة وهو عمل توارثوه كابرا عن كابر. وأجيب عنه بأنه قد تقرر في الأصول أن عملهم ليس بحجة. وقد أطال الكلام فيه الحافظ شمس الدين ابن القيم في إعلام الموقعين عن رب العالمين بما لا يزيد عليه. وقوله: " عن يمينه وعن شماله " أي منحرفا إلى الجهتين بحيث يرى بياض خده.
(يومي بيده) هكذا في أكثر النسخ وفي بعضها يرمي. قال الإمام ابن الأثير إن صحت الرواية بالراء ولم يكن تصحيف الواو فقد جعل الرمي باليد موضع الإيماء بها لجواز ذلك في اللغة يقول رميت ببصري إليك أي مددته ورميت إليك بيدي أي أشرت بها. قال والرواية المشهورة رواية مسلم " علام ما تومئون " بهمزة مضمومة بعد الميم، والإيماء الإشارة أومأ يومى ء إيماء وهم يومئون مهموزا ولا تقل أوميت بياء ساكنة قاله الجوهري (كأنها أذناب خيل شمس) قال النووي: وهو بإسكان الميم وضمها وهي التي لا تستقر بل تضطرب وتتحرك بأذنابها. وفي النيل بإسكان الميم وضمها مع ضم الشين المعجمة جمع شموس بفتح الشين وهو من الدواب النفور الذي يمتنع على راكبه، ومن الرجال صعب الخلق (أن يقول) أي أن يفعل (هكذا وأشار) النبي صلى الله عليه وسلم (بإصبعه) بأن يضع أحدكم يده على فخذه، وهذا المعنى متعين لأن الرواية