الله فلما لم يقل ذلك أحد منهم وقد علم أنهم في حياته إنما توسلوا بدعائه وشفاعته وبعد مماته توسلوا بدعاء غيره وشفاعة غيره علم أن المشروع عندهم التوسل بدعاء المتوسل به لا بذاته وحديث الأعمى حجة لعمر وعامة الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين فإنه إنما أمر الأعمى أن يتوسل إلى الله بشفاعة النبي ودعائه لا بذاته وقال له في الدعاء قل اللهم فشفعه في وإذا قدر أن بعض الصحابة أمر غيره أن يتوسل بذاته لا بشفاعته ولم يأمر بالدعاء المشروع بل ببعضه وترك سائره المتضمن للتوسل بشفاعته كان ما فعله عمر بن الخطاب هو الموافق لسنة رسول الله وكان المخالف لعمر محجوجا بسنة رسول الله وكان الحديث الذي رواه عن النبي حجة عليه لا له وقال فيها فأما التوسل بذاته في حضوره أو مغيبه أو بعد موته مثل الإقسام بذاته أو بغيره من الأنبياء أو السؤال بنفس ذواتهم لا بدعائهم فليس هذا مشروعا عند الصحابة والتابعين بل عمر بن الخطاب ومعاوية بن أبي سفيان ومن بحضرتهما من أصحاب رسول الله والتابعين لهم بإحسان لما أجدبوا استسقوا وتوسلوا أو استشفعوا بمن كان حيا كالعباس ويزيد بن الأسود ولم يتوسلوا ولم يستشفعوا ولم يستسقوا في هذه الحال بالنبي لا عند قبره ولا غير قبره بل عدلوا إلى البدل كالعباس وكيزيد بل كانوا يصلون عليه في دعائهم وقد قال عمر اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فجعلوا هذا بدلا عن ذاك لما تعذر أن يتوسلوا به على الوجه المشروع الذي كانوا يفعلونه وقد كان من الممكن أن يأتوا إلى قبره ويتوسلوا هناك ويقولوا في دعائهم بالجاه ونحو ذلك من الألفاظ التي تتضمن القسم بمخلوق على الله عز وجل أو السؤال به فيقولون نسألك أو نقسم عليك بنبيك أو بجاه نبيك ونحو ذلك مما يفعله بعض الناس انتهى قوله (سمعت أبا أمامة) الباهلي اسمه صدى بن عجلان قوله (في جوف الليل) خبر أقرب أي أقربيته تعالى من عباده كائنة في الليل قال الطيبي إما حال من الرب أي قائلا في جوف الليل من يدعوني فأستجيب له الحديث سد مسد الخبر ومن العبد أي قائما في جوف الليل داعيا مستغفرا ويحتمل أن يكون خبرا لأقرب فإن قلت المذكور في هذا الحديث أقرب ما يكون الرب من العبد وفي حديث أبو هريرة عن مسلم وغيره أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد أجيب بأنه قد علم من حديث أبي هريرة ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا
(٢٨)