وعليه الإجماع قلت أجاب ابن عبد البر بأن قوله ثم نترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ غلط أن كان سنده صحيحا قال الحافظ قد طعن فيه ابن عبد البر واستند إلى ما حكاه عن هارون بن إسحاق قال سمعت ابن معين يقول من قال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعرف لعلي سابقيته وفضله فهو صاحب سنة قال فذكرت له من يقول أبو بكر وعمر وعثمان ويسكتون فتكلم فيهم بكلام غليظ وتعقب بأن ابن معين أنكر رأى قوم وهم العثمانية الذين يغالون في حب عثمان وينتقصون عليا ولا شك في أن من اقتصر على ذلك ولم يعرف لعلي بن أبي طالب فضله فهو مزموم وتعقب أيضا بأنه لا يلزم ومن سكوتهم إذ ذاك عن تفضيله عدم تفضيله على الدوام وبأن الإجماع المذكور إنما حدث بعد الزمن الذي قيده ابن عمر فيخرج حديثه عن أن يكون غلطا ثم لم ينفرد بهذا القول نافع عن ابن عمر بل تابعه ابن الماجشون أخرجه خيثمة من طريق يوسف بن الماجشون عن أبيه عن ابن عمر كنا نقول في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعثمان ثم ندع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نفاضل بينهم ومع ذلك فلا يلزم من تركهم التفاضل إذ ذاك أن لا يكونوا اعتقدوا بعد ذلك تفضيل علي على من سواه وقد اعترف ابن عمر بتقديم علي على غيره فقد أخرج أحمد عنه قال كنا نقول في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس ثم أبو بكر ثم عمر ولقد أعطى علي بن أبي طالب ثلاث خصال لأن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته وولدت له وسد الأبواب إلا بابه في المسجد وأعطاه الراية يوم خيبر وإسناده حسن وقد اتفق العلماء على تأويل كلام ابن عمر ثم نترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ لما تقرر عند أهل السنة قاطبة من تقديم علي بعد عثمان ومن تقديم بقية العشرة المبشرة على غيرهم ومن تقديم أهل بدر على من لم يشهدها وغير ذلك فالظاهر أن ابن عمر إنما أراد بهذا النفي أنهم كانوا يجتهدون في التفضيل فليظهر لهم فضائل الثلاثة ظهورا بينا فيجزمون به ولم يكونوا حينئذ اطلعوا على التنصيص انتهى كلام الحافظ ملخصا قوله (وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن ابن عمر) رواه البخاري وغيره بألفاظ قوله (حدثنا شاذان الأسود بن عامر) شاذان لقب الأسود بن عامر (عن سنان بن هارون) البرجي أبي بشر الكوفي صدوق فيه لين من الثامنة (عن كليب بن وائل) التيمي المدني
(١٣٩)