قوله (وقال امين) فيه دليل على أن الامام يقول امين وهذا موضع اختلف فيه العلماء فروى ابن القاسم عن مالك أن الامام لا يقول امين وإنما يقول ذلك من خلفه وهو قول المصريين من أصحاب مالك وقال جمهور أهل العلم يقولها الامام كما يقول المنفرد وهو قول مالك في رواية المدنيين وحجتهم أن ذلك ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة ووائل بن حجر وحديث بلال لا تسبقني بأمين كذا في الاستذكار قلت عن أبي حنيفة أيضا في ذلك قولان أحدهما أنه يؤمن من خلف الامام ولا يؤمن الامام ذكره محمد في الموطأ والثاني كقول الجمهور ذكره محمد في الآثار ولا شك في أن قول الجمهور هو الحق (ومد بها صوته) أي رفع بها صوته وجهر ورواه أبو داود بإسناد صحيح بلفظ فجهر بأمين ورواه أيضا بإسناد صحيح بلفظ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ ولا الضالين قال امين ورفع بها صوته فظهر أن المراد من قوله ومد بها صوته وجهر بها ورفع صوته بها فإن الروايات يفسر بعضها بعضا قال الحافظ في التلخيص احتج الرافعي بحديث وائل الذي بلفظ مد بها صوته على استحباب الجهر بأمين وقال في أماليه يجوز حمله على أنه تكلم لغة المد دون القصر من جهة اللفظ ولكن رواية من قال رفع بها صوته تبعد هذا الاحتمال ولهذا قال الترمذي عقبه وبه يقول غير واحد يرون أنه يرفع صوته انتهى وقال الشيخ عبد الحق الدهلوي في اللمعات قوله مد بها صوته أي بكلمة امين يحتمل الجهر بها ويحتمل مد الألف على اللغة الفصيحة والظاهر هو الأول بقرينة الروايات الأخر ففي بعضها يرفع صوته وهذا صريح في معنى الجهر وفي رواية ابن ماجة حتى يسمعها الصف الأول فيرتج بها المسجد وفي بعضها يسمعها من كان في الصف الأول رواه أبو داود وابن ماجة انتهى كلام الشيخ قلت قول من قال أن قوله مد بها صوته يجوز حمله على أنه تكلم على لغة المد دون القصر غير صحيح ولا يجوز حمله على هذا البتة لما عرفت ولأن هذا اللفظ لا يطلق إلا على رفع الصوت والجهر كما لا يخفى على من تتبع مظان استعمال هذا اللفظ ونحن نذكر ههنا بعضها روى البخاري في صحيحه عن البراء قال لما كان يوم الأحزاب وخندق رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث وفيه يقول اللهم لولا أنت ما اهتدنا ولا تصدقنا ولا صلينا فأنزلن سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا إن الألى قد بغوا علينا وإن أرادوا فتنة أبينا قال يمد صوته باخرها انتهى وروى الترمذي عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أسلم وغفار ومزينة خير من تميم وأسد وغطفان وبنى عامر بن صعصعة يمد بها صوته فقال القوم قد خابوا وخسروا قال فهم خير منهم قال الترمذي هذا حديث حسن وروى أبو داود وغيره حديث أبي مخدورة في الترجيع بلفظ ثم ارجع فمد من صوتك فلفظ يمد صوته باخرها في الأول ويمد بها صوته في الثاني وفمد من صوتك في الثالث لم يطلق إلا
(٥٩)