وقال الجزري في النهاية الخداج النقصان يقال خدجت الناقة إذا ألقت ولدها قبل أوانه وإن كان تام الخلق وأخدجته إذا ولدته ناقص الخلق وإن كان لتمام الحمل انتهى وقال في المصباح المنير قال أبو زيد خدجت الناقة وكل ذات خف وظلف وحافر إذا ألقت ولدها لغير تمام الحمل وزاد ابن القوطية وإن تم خلقه وأخدجته بالألف ألقته ناقص الخلق انتهى قلت والمراد من القاء الناقة ولدها لغير تمام الحمل وإن تم خلقه إسقاطها والسقط ميت لا ينتفع به كما عرفت فظهر من هذا كله أن قوله فهي خداج معناه ناقصة نقص فساد وبطلان ويدل عليه ما رواه البيهقي في كتاب القراءة بإسناده عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب قلت فإن كنت خلف الإمام قال فأخذ بيدي وقال إقرأ في نفسك يا فارسي قال البيهقي رواه ابن خزيمة الامام عن محمد بن يحيى محتجا به على أن قوله في سائر الروايات فهي خداج المراد به النقصان الذي لا تجزئ معه انتهى فالحاصل أن استدلال أكثر أهل العلم وجمهورهم بأحاديث الباب على ركنية الفاتحة في الصلاة صحيح لا غبار عليه وقولهم هو الراجح المنصور وقال الحنفية بأن قراءة الفاتحة في الصلاة ليست بفرض وأجابوا عن حديث عبادة بأن النفي في قوله لا صلاة للكمال ورد هذا الجواب بوجهين الأول أن رواية ابن خزيمة وغيره بلفظ لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب تبطل تأويلهم هذا إبطالا صريحا وهذه الرواية صحيحة صرح بصحتها أئمة الفن قال الحافظ في التلخيص ورواه يعني حديث عبادة الدارقطني بلفظ لا تجزئ صلاة إلا أن يقرأ الرجل فيها بأم القران وصححه ابن القطان انتهى وقال القاري في المرقاة نق عن ابن حجر المكي ومنها خبر ابن خزيمة وابن حبان والحاكم في صحاحهم بإسناد صحيح لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب ورواه الدارقطني بإسناد حسن وقال النووي رواته كلهم ثقات انتهى والثاني أن النفي في قوله لا صلاة إما أن يرد به نفي الحقيقة أو نفي الصحة أو نفي الكمال فالأول حقيقة والثاني والثالث مجاز والثاني أعني نفي الصحة أقرب المجازين إلى الحقيقة والثالث أعني نفي الكمال أبعدهما فحمل النفي على الحقيقة واجب إن أمكن وإلا فحمله على أقرب الماجزين واجب ومتعين ومع إمكان الحقيقة أو أقرب المجازين لا يجوز حمله على أبعد المجازين قال الشوكاني في النيل والحديث يعني حديث عبادة يدل على تعين الفاتحة في الصلاة وأنه لا يجزئ غيرها وإليه ذهب مالك والشافعي وجمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم لأن النفي المذكور في الحديث يتوجه إلى الذات إن أمكن انتفاؤها وإلا توجه إلى ما هو أقرب إلى الذات وهو الصحة لا
(٥٥)