قلت ليس في الحديث بيان مقدار الجلوس (قبل أن يسلم فقد جازت صلاته) أستدل به أبو حنيفة وأصحابه على أن المصلي إذا أحدث في اخر صلاته بعد ما جلس قدر التشهد فقد جازت صلاته وفيه أن هذا الحديث ضعيف لا يصلح للاحتجاج قوله (هذا حديث ليس إسناده بالقوي وقد اضطربوا في أسناده) قال الحافظ الزيلعي في نصب الراية وأخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما قال الدارقطني وعبد الرحمن بن زياد ضعيف لا يحتج به وقال البيهقي وهذا الحديث إنما يعرف بعبد الرحمن بن زياد الإفريقي وقد ضعفه يحيى بن معين ويحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن مهدي قال وإن صح فإنما كان قبل أن يفرض التسليم ثم روى بأسناده عن عطاء بن أبي رباح قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد في اخر صلاته قدر التشهد أقبل على الناس بوجهه وذلك قبل أن ينزل التسليم انتهى قال القاري في المرقاة تحت هذا الحديث قال ابن الصلاح المضطرب هو الذي يروى على أوجه مختلفة متفاوتة والاضطراب قد يقع في السند أو المتن أو من راو أو من رواة والمضطرب ضعيف شعاره بأنه لم يضبط ذكره الطيبي قال القاري لهذا الحديث طرق ذكرها الطحاوي وتعدد الطرق يبلغ الحديث الضعيف إلى حد الحسن انتهى كلام القاري قلت فيه إن تعدد طرق الحديث إنما يبلغه إلى حد الحسن إذا كانت تلك الطرق متباينة ولم يكن مدار كلها على ضعيف لا يحتج به وطرق هذا الحديث التي ذكرها الطحاوي ليست متباينة بل مدار كلها على عبد الرحمن بن زياد الإفريقي قوله (وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا قالوا إذا جلس مقدار التشهد وأحدث قبل أن يسلم فقد تمت صلاته) وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه لكن عند أبي حنيفة إذا أحدث عمدا صوتا وعند صاحبيه مطلقا بنا على أن الخروج من الصلاة فرض عنده لا عندهما
(٣٧٢)