الباب القائلون إن المأموم يتابع الإمام في الصلاة قاعدا وإن بذلك أحمد وإسحاق والأوزاعي وابن المنذر وداود وبقية أهل الظاهر قال لم يكن المأموم معذورا وممن قال ابن حزم وبهذا نأخذ إلا فيمن يصلي إلى جنب الامام يذكر الناس ويعلمهم تكبير الإمام فإنه يتخير بين أن يصلي قاعدا وبين أن يصل قائما قال ابن حزم وبمثل قولنا يقول جمهور السلف ثم رواه عن جابر وأبي هريرة وأسيد بن حضير قال ولا مخالف لهم يعرف في الصحابة ورواه عن عطاء وروي عن عبد الرزاق أنه قال ما رأيت الناس إلا على أن الإمام إذا صلى قاعدا صلى من خلفه قعودا قال وهي السنة عن غير واحد وقد حكاه ابن حبان أيضا عن الصحابة الثلاثة المذكورين وعن قيس بن فهد أيضا من الصحابة وعن أبي الشعثاء وجابر بن زيد من التابعين وحكاه أيضا عن مالك بن أنس وأبي أيوب سليمان بن داود الهاشمي وأبي خيثمة وابن أبي شيبة ومحمد بن إسماعيل ومن تبعهم من أصحاب الحديث مثل محمد بن نصر ومحمد بن إسحاق بن خزيمة ثم قال بعد ذلك وهو عندي ضرب من الإجماع الذي أجمعوا على إجازته لأن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أفتوا به والإجماع عندنا إجماع الصحابة ولم يرووا عن أحد من الصحابة خلافا لهؤلاء الأربعة لا بإسناد متصل ولا منقطع فكأن الصحابة أجمعوا على أن الإمام إذا صلى قاعدا كان على المأمومين أن يصلوا قعودا وقد أفتى به من التابعين جابر بن زيد وأبو الشعثاء ولم يرو عن أحد من التابعين أصلا خلافه لا بإسناد صحيح ولا واه فكأن التابعين أجمعوا على إجازته قال وأول من أبطل في هذه الأمة صلاة المأموم قاعدا إذا صلى إمامه جالسا المغيرة بن مقسم صاحب النخعي وأخذ عنه حماد بن أبي سليمان ثم أخذ عن حماد أبو حنيفة وتبعه عليه من كان بعده من أصحابه انتهى كلام ابن حبان وحكى الخطابي في المعالم والقاضي عياض عن أكثر الفقهاء خلاف ذلك وحكى النووي عن جمهور السلف خلاف ما حكى ابن حزم عنهم وحكاه ابن دقيق العيد عن أكثر الفقهاء المشهورين وقال الحازمي في كتاب الاعتبار ما لفظه وقال أكثر أهل العلم يصلون قياما ولا يتابعون الإمام في الجلوس
(٢٩٣)