لكان أولى فإنه قد قال في الباب المتقدم بعد رواية حديث مالك بن الحويرث والعمل عليه عند بعض أهل العلم وبه يقول أصحابنا واستدل من اختار النهوض في الصلاة على صدور القدمين بحديث الباب وقد عرفت أنه حديث ضعيف لا يصلح للاستدلال واستدلوا بأحاديث أخرى واثار فعلينا أن نذكرها مع الكلام عليها فمنها حديث عكرمة قال صليت خلف شيخ بمكة فكبر ثنتين وعشرين تكبيرة فقلت لابن عباس إنه أحمق فقال ثكلتك أمك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم رواه البخاري قيل يستفاد منه ترك الجلسة الاستراحة وإلا لكانت التكبيرات أربعا وعشرين مرة لأنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في كل خفض ورفع وقيام وقعود وأجيب عنه بأن جلسة الاستراحة جلسة خفيفة جدا ولذلك لم يشرع فيها ذكر فهي ليست بجلسة مستقلة بل هي من جملة النهوض إلى القيام فكيف يستفاد من هذا الحديث ترك جلسة الاستراحة ولو سلم فدلالته على الترك ليس إلا بالإشارة وحديث مالك بن الحويرث يدل على ثبوتها بالعبارة ومن المعلوم أن العبارة مقدمة على الإشارة ومنها حديث أبي مالك الأشعري أنه جمع قومه فقال يا معشر الأشعريين اجتمعوا واجمعوا نساءكم وأبناءكم أعلمكم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم الحديث وفيه ثم كبر وخر ساجدا ثم كبر فرفع رأسه ثم كبر فانتهض قائما رواه أحمد قيل قوله ثم كبر فسجد ثم كبر فانتهض قائما يدل على نفي جلسة الاستراحة وأجيب عنه بأن في إسناده شهر بن حوشب قال الحافظ في التقريب كثير الارسال والأوهام انتهى ثم هذا الحديث ليس بصريح ينفي جلسة الاستراحة ولو سلم فهو إنما يدل على نفي وجوبها لا على نفي سنيتها ثم حديث مالك بن الحويرث أقوى وأصح وأثبت من هذا الحديث ومنها حديث أبي حميد الساعدي وفيه ثم كبر فسجد ثم كبر فقام ولم يتورك رواه أبو داود وأجيب عنه بأن أبا داود رواه بإسناد اخر صحيح والترمذي بإثبات جلسة الاستراحة وقال الترمذي حسن صحيح وقد تقدم لفظهما والمثبت مقدم على النافي
(١٤٧)