الجمهور على ابن عبد البر وقالوا الصواب الضم وهو الذي يليق به إضافة الجفاء إليه انتهى ويؤيد ما ذهب إليه أبو عمر ما روى أحمد في مسنده في هذا الحديث بلفظ جفاء بالقدم ويؤيد ما ذهب إليه الجمهور ما رواه ابن أبي خيثمة بلفظ لنراه جفاء المرء فالله أعلم بالصواب انتهى كلام الحافظ والجفاء غلط الطبع وترك الصلة والبر (بل هي سنة نبيكم) هذا الحديث نص صريح في أن الاقعاء سنة واختلف العلماء في الجمع بين هذا الحديث وبين الحديثين الواردة في النهي عن الاقعاء فجنح الخطابي والماوردي إلى أن الاقعاء منسوخ ولعل ابن عباس لم يبلغه النسخ وجنح البيهقي إلى الجمع بينهما بأن الاقعاء ضربان أحدهما أن يضع أليتيه على عقبيه وتكون ركبتاه في الأرض وهذا هو الذي رواه ابن عباس وفعلته العبادلة ونص الشافعي في البويطي على استحبابه بين السجدتين لكن الصحيح أن الافتراش أفضل منه لكثرة الرواة له ولأنه أعون للمصلى وأحسن في هيئة الصلاة والثاني أن يضع أليتيه ويديه على الأرض وينصب ساقيه وهذا هو الذي وردت الأحاديث بكراهته وتبع البيهقي على هذا الجمع ابن الصلاح والنووي وأنكرا على من ادعى فيهما النسخ وقالا كيف ثبت النسخ مع عدم تعذر الجمع وعدم العلم بالتاريخ كذا في التلخيص الحبير وقال في النيل وهذا الجمع لا بد منه وأحاديث النهي والمعارض لها يرشد لما فيها من التصريح بإقعاء الكلب ولما في أحاديث العبادلة من التصريح باقعاء على القدمين وعلى أطراف الأصابع وقد روي عن ابن عباس أيضا أنه قال من السنة أن تمس عقبيك أليتيك وهو مفسر للمراد فالقول بالنسخ غفلة عن ذلك وعما صرح به الحفاظ من جهل تاريخ هذه الأحاديث وعن المنع من المصير إلى النسخ مع إمكان الجمع وقد روى عن جماعة من السلف من الصحابة وغيرهم فعله كما قال النووي ونص الشافعي في البويطي واملاء على استحبابه انتهى ما في النيل قلت الأمر كما قال الشوكاني وقد اختار هذا الجمع بعض الأئمة الحنفية كابن الهمام وغيره فائدة قال ابن حجر المكي الافتراش بين السجدتين أفضل من الاقعاء المسنون بينهما لأن ذلك هو الأكثر من أحواله عليه السلام انتهى قال القاري في المرقاة بعد نقل كلام بن حجر هذا ما لفظه وفيه أن الأولى أن يحمل الأكثر على أنه هو المسنون وغيره إما لعذر أو لبيان الجواز انتهى قلت لو كان لعذر لم يقل ابن عباس رضي الله عنهما هي سنة نبيكم والظاهر هو ما قال ابن حجر والله تعالى أعلم
(١٣٩)