الثاني أن في حديث أبي هريرة قلبا من الراوي وكان أصله وليضع ركبتيه قبل يديه ويدل عليه أول حديث وهو قوله فلا يبرك كما يبرك البعير فإن المعروف من بروك البعير هو تقديم اليدين على الرجلين قاله ابن القيم في زاد المعاد وقال ولما علم أصحاب هذا القول ذلك قالوا ركبتا البعير في يديه لا في رجليه فهو إذا برك وضع ركبتيه أو فهذا هو المنهي عنه قال وهو فاسد وحاصلها أن البعير إذا برك يضع يديه ورجلاه قائمتان وهذا هو المنهي عنه وأن القول بأن ركبتي البعير في يديه لا يعرفه أهل اللغة وأنه لو كان الأمر كما قالوا لقال النبي صلى الله عليه وسلم فليبرك كما يبرك البعير لأن أول ما يمس الأرض من البعير يداه انتهى وفيه أن قوله في حديث أبي هريرة قلب من الراوي فيه نظر إذ لو فتح هذا الباب لم يبق اعتماد على رواية راو مع صحته وأما قوله كون ركبتين البعير في يديه لا يعرفه أهل اللغة ففيه أنه قد وقع في حديث هجرة النبي صلى الله عليه وسلم قول سراقة ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغنا الركبتين رواه البخاري في صحيحه فهذا دليل واضح على أن ركبتين البعير تكونان في يديه وأما قوله لو كان الأمر كما قالوا لقال النبي صلى الله عليه وسلم فليبرك كما يبرك البعير ففيه أنه لما ثبت أن ركبتي البعير تكونان في يديه ومعلوم أن ركبتين الانسان تكونان في رجليه وقد قال صلى الله عليه وسلم في اخر هذا الحديث وليضع يديه قبل ركبتيه فكيف يقول في أوله فليبرك كما يبرك البعير أي فليضع ركبتيه قبل يديه والثالث أن حديث أبي هريرة ضعيف فإن الدارقطني قال تفرد به الدراوردي عن محمد بن عبد الله بن حسن انتهى والدراوردي وإن وثقه يحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهما لكن قال أحمد بن حنبل إذا حدث من حفظه يهم وقال أبو زرعة سئ الحفظ فتفرد الدراوردي عن محمد بن عبد الله مورث للضعف وقال البخاري محمد بن عبد الله بن الحسن لا يتابع عليه وقال لا أدري أسمع من أبي الزناد أم لا أنتهي وفيه أن حديث أبي هريرة صحيح صالح للاحتجاج كما عرفت وأما قول الدارقطني تفرد به الدراوردي عن محمد بن عبد الله بن الحسن فليس بصحيح بل قد تابعه عبد الله بن نافع عند أبي داود والنسائي قال المنذري وفي ما قال الدارقطني نظر فقد روى نحوه عبد الله بن نافع عن محمد بن عبد الله وأخرجه أبو داود والنسائي من حديثه ثم تفرد الدراوردي ليس مورثا للضعف لأنه قد احتج به مسلم وأصحاب السنن ووثقه إمام هذا الشأن يحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهما وأما قول البخاري محمد بن عبد الله بن الحسن لا يتابع عليه فليس بمضر فإنه ثقة ولحديثه شاهد من حديث ابن عمر وصححه ابن خزيمة قال ابن التركماني في الجوهر النقي محمد بن عبد الله وثقه النسائي وقول البخاري لا يتابع على حديثه ليس بصريح في الجرح فلا
(١٢٢)