زعم أهل الحديث أن قوله يرثي الخ من كلام الزهري وقال بن الجوزي وغيره هو مدرج من قول الزهري (قلت) وكأنهم استندوا إلى ما وقع في رواية أبي داود الطيالسي عن إبراهيم بن سعد عن الزهري فإنه فصل ذلك لكن وقع عند المصنف في الدعوات عن موسى بن إسماعيل عن إبراهيم بن سعد في آخره لكن البائس سعد بن خولة قال سعد رثى له رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ فهذا صريح في وصله فلا ينبغي الجزم بادراجه ووقع في رواية عائشة بنت سعد عن أبيها في الطب من الزيادة ثم وضع يده على جبهتي ثم مسح وجهي وبطني ثم قال اللهم اشف سعدا وأتمم له هجرته قال فما زلت أجد بردها ولمسلم من طريق حميد بن عبد الرحمن المذكورة قلت فادع الله أن يشفيني فقال اللهم اشف سعدا ثلاث مرات (قوله قلت يا رسول الله أوصي بمالي كله) في رواية عائشة بنت سعد عن أبيها في الطب أفأتصدق بثلثي مالي وكذا وقع في رواية الزهري فأما التعبير بقوله أفأتصدق فيحتمل التنجيز والتعليق بخلاف أفأوصي لكن المخرج متحد فيحمل على التعليق للجمع بين الروايتين وقد تمسك بقوله أتصدق من جعل تبرعات المريض من الثلث وحملوه على المنجزة وفيه نظر لما بينته وأما الاختلاف في السؤال فكأنه سأل أولا عن الكل ثم سأل عن الثلثين ثم سأل عن النصف ثم سأل عن الثلث وقد وقع مجموع ذلك في رواية جرير بن يزيد عند أحمد وفي رواية بكير بن مسمار عند النسائي كلاهما عن عامر بن سعد وكذا لهما من طريق محمد بن سعد عن أبيه ومن طريق هشام بن عروة عن أبيه عن سعد وقوله في هذه الرواية قلت فالشطر هو بالجر عطفا على قوله بمالي كله أي فأوصي بالنصف وهذا رجحه السهيلي وقال الزمخشري هو بالنصب على تقدير فعل أي أسمي الشطر أو أعين الشطر ويجوز الرفع على تقدير أيجوز الشطر (قوله قلت الثلث قال فالثلث والثلث كثير) كذا في أكثر الروايات وفي رواية الزهري في الهجرة قال الثلث يا سعد والثلث كثير وفي رواية مصعب بن سعد عن أبيه عند مسلم قلت فالثلث قال نعم والثلث كثير وفي رواية عائشة بنت سعد عن أبيها في الباب الذي يليه قال الثلث والثلث كبير أو كثير وكذا للنسائي من طريق أبي عبد الرحمن السلمي عن سعد وفيه فقال أوصيت فقلت نعم قال بكم قلت بمالي كله قال فما تركت لولدك وفيه أوص بالعشر قال فما زال يقول وأقول حتى قال أوص بالثلث والثلث كثير أو كبير يعني بالمثلثة أو بالموحدة وهو شك من الراوي والمحفوظ في أكثر الروايات بالمثلثة ومعناه كثير بالنسبة إلى ما دونه وسأذكر الاختلاف فيه في الباب الذي بعد هذا وقوله قال الثلث والثلث كثير بنصب الأول على الاغراء أو بفعل مضمر نحو عين الثلث وبالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أو المبتدأ والخبر محذوف والتقدير يكفيك الثلث أو الثلث كاف ويحتمل أن يكون قوله والثلث كثير مسوقا لبيان الجواز بالثلث وأن الأولى أن ينقص عنه ولا يزيد عليه وهو ما يبتدره الفهم ويحتمل أن يكون لبيان أن التصدق بالثلث هو الأكمل أي كثير أجره ويحتمل أن يكون معناه كثير غير قليل قال الشافعي رحمه الله وهذا أولى معانيه يعني أن الكثرة أمر نسبي وعلى الأول عول بن عباس كما سيأتي في حديث الباب الذي بعده (قوله انك أن تدع) بفتح أن على التعليل وبكسرها على الشرطية قال النووي هما صحيحان صوريان وقال القرطبي لا معنى للشرط هنا لأنه يصير لا جواب له ويبقى خير لا رافع له وقال ابن الجوزي سمعناه من رواة الحديث بالكسر وأنكره شيخنا عبد الله بن أحمد
(٢٧٢)