الزرع غير الغرس قوله وقال مسلم كذا للنسفي وجماعة ولأبي ذر والأصيلي وكريمة وقال لنا مسلم وهو بن إبراهيم وأبان هو ابن يزيد العطار والبخاري لا يخرج له إلا استشهادا ولم أر له في كتابه شيئا موصولا إلا هذا ونظيره عنده حماد بن سلمة فإنه لا يخرج له إلا استشهادا ووقع عنده في الرقاق قال لنا أبو الوليد حدثنا حماد بن سلمة وهذه الصيغة هي قال لنا يستعملها البخاري على ما استقرئ من كتابه في الاستشهادات غالبا وربما استعملها في الموقوفات ثم إنه ذكر هنا اسناد أبان ولم يسق متنه لان غرضه منه التصريح بالتحديث من قتادة عن أنس وقد أخرجه مسلم عن عبد بن حميد عن مسلم بن إبراهيم المذكور بلفظ ان نبي الله صلى الله عليه وسلم رأى نخلا لأم مبشر امرأة من الأنصار فقال من غرس هذا النخل أمسلم أم كافر فقالوا مسلم قال بنحو حديثهم كذا عند مسلم فأحال به على ما قبله وقد بينه أبو نعيم في المستخرج من وجه آخر عن مسلم ابن إبراهيم وباقيه فقال لا يغرس مسلم غرسا فيأكل منه انسان أو طير أو دابة إلا كان له صدقة وأخرج مسلم هذا الحديث عن جابر من طرق منها بلفظ سبع بدل بهيمة وفيها الا كان له صدقة فيها أجر ومنها أم مبشر أو أم معبد على الشك وفي أخرى أم معبد بغير شك وفي أخرى امرأة زيد ابن حارثة وهي واحدة لها كنيتان وقيل اسمها خليدة وفي أخرى عن جابر عن أم مبشر جعله من مسندها وفي الحديث فضل الغرس والزرع والحض على عمارة الأرض ويستنبط منه اتخاذ الضيعة والقيام عليها وفيه فساد قول من أنكر ذلك من المتزهدة وحمل ما ورد من التنفير عن ذلك على ما إذا شغل عن أمر الدين فمنه حديث بن مسعود مرفوعا لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا الحديث قال القرطبي يجمع بينه وبين حديث الباب بحمله على الاستكثار والاشتغال به عن أمر الدين وحمل حديث الباب على اتخاذها للكفاف أو لنفع المسلمين بها وتحصيل ثوابها وفي رواية لمسلم إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة ومقتضاه أن أجر ذلك يستمر ما دام الغرس أو الزرع مأكولا منه ولو مات زارعه أو غارسه ولو انتقل ملكه إلى غيره وظاهر الحديث أن الاجر يحصل لمتعاطي الزرع أو الغرس ولو كان ملكه لغيره لأنه أضافه إلى أم مبشر ثم سألها عمن غرسه قال الطيبي نكر مسلما وأوقعه في سياق النفي وزاد من الاستغراقية وعم الحيوان ليدل على سبيل الكناية على أن أي مسلم كان حرا أو عبدا مطيعا أو عاصيا يعمل أي عمل من المباح ينتفع بما عمله أي حيوان كان يرجع نفعه إليه ويثاب عليه وفيه جواز نسبة الزرع إلى الآدمي وقد ورد في المنع منه حديث غير قوي أخرجه بن أبي حاتم من حديث أبي هريرة مرفوعا لا يقل أحدكم زرعت ولكن ليقل حرثت ألم تسمع لقول الله تعالى أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون ورجاله ثقات الا أن مسلم بن أبي مسلم الجرمي قال فيه بن حبان ربما أخطأ وروى عبد بن حميد من طريق أبي عبد الرحمن السلمي بمثله من قوله غير مرفوع واستنبط منه المهلب أن من زرع في أرض غيره كان الزرع للزارع وعليه لرب الأرض أجرة مثلها وفي أخذ هذا الحكم من هذا الحديث بعد وقد تقدم الكلام على أفضل المكاسب في كتاب البيوع والله الموفق (قوله باب ما يحذر من عواقب الاشتغال بآلة الزرع أو مجاوزة الحد الذي أمر به) هكذا للأصيلي وكريمة ولابن شبويه أو تجاوز وللنسفي وأبي ذر جاوز والمراد بالحد ما شرع أعم من أن يكون واجبا أو مندوبا (قوله حدثنا عبد الله بن سالم) هو الحمصي يكنى أبا يوسف وليس به ولا لشيخه في هذا
(٣)