بجوازها وكان مذهب أبي الزناد القضاء بذلك كأهل بلده ومذهب بن شبرمة خلافه كأهل بلده فاحتج عليه أبو الزناد بالخبر الوارد في ذلك فاحتج عليه ابن شبرمة بما ذكر في الآية الكريمة وإنما تتم له الحجة بذلك على أصل مختلف فيه بين الفريقين وهو أن الخبر إذا ورد متضمنا لزيادة على ما في القرآن هل يكون نسخا والسنة لا تنسخ القرآن أو لا يكون نسخا بل زيادة مستقلة بحكم مستقل إذا ثبت سنده وجب القول به والأول مذهب الكوفيين والثاني مذهب الحجازيين ومع قطع النظر عن ذلك لا تنتهض حجة بن شبرمة لأنه يصير معارضة للنص بالرأي وهو غير معتبر به وقد أجاب عنه الإسماعيلي فقال الحاجة إلى إذكار إحداهما الأخرى إنما هو فيما إذا شهدتا وإن لم تشهدا قامت مقامهما يمين الطالب ببيان السنة الثابتة واليمين ممن هو عليه لو انفردت لحلت محل البينة في الأداء والابراء فكذلك حلت اليمن هنا محل المرأتين في الاستحقاق بها مضافة للشاهد الواحد قال ولو لزم إسقاط القول بالشاهد واليمين لأنه ليس في القرآن للزم إسقاط الشاهد والمرأتين لأنهما ليستا في السنة لأنه صلى الله عليه وسلم قال شاهداك أو يمينه اه وحاصله أنه لا يلزم من التنصيص على الشئ نفيه عما عداه لكن مقتضى ما بحثه أن لا يقضي باليمين مع الشاهد الواحد إلا عند فقد الشاهدين أو ما قام مقامهما من الشاهد والمرأتين وهو وجه للشافعية وصححه الحنابلة ويؤيده ما رواه الدارقطني من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا قضى الله ورسوله في الحق بشاهدين فان جاء بشاهدين أخذ حقه وان جاء بشاهد واحد حلف مع شاهده وأجاب بعض الحنفية بأن الزيادة على القرآن نسخ وأخبار الآحاد لا تنسخ المتواتر ولا تقبل الزيادة من الأحاديث إلا إذا كان الخبر بها مشهورا وأجيب بأن النسخ رفع الحكم ولا رفع هنا وأيضا فالناسخ والمنسوخ لابد أن يتواردا على محل واحد وهذا غير متحقق في الزيادة على النص وغاية ما فيه أن تسمية الزيادة كالتخصيص نسخا اصطلاح فلا يلزم منه نسخ الكتاب بالسنة لكن تخصيص الكتاب بالسنة جائز وكذلك الزيادة عليه كما في قوله تعالى وأحل لكم ما وراء ذلكم وأجمعوا على تحريم نكاح العمة مع بنت أخيها وسند الاجماع في ذلك السنة الثابتة وكذلك قطع رجل السارق في المرة الثانية وأمثلة ذلك كثيرة وقد أخذ من رد الحكم بالشاهد واليمين لكونه زيادة على القرآن بأحاديث كثيرة في أحكام كثيرة كلها زائدة على ما في القرآن كالوضوء بالنبيذ والوضوء من القهقهة ومن القئ والمضمضة والاستنشاق في الغسل دون الوضوء واستبراء المسبية وترك قطع من سرق ما يسرع إليه الفساد وشهادة المرأة الواحدة في الولادة ولا قود الا بالسيف ولا جمعة إلا في مصر جامع ولا تقطع الأيدي في الغزو ولا يرث الكافر المسلم ولا يؤكل الطافي من السمك ويحرم كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير ولا يقتل الوالد بالولد ولا يرث القاتل من القتيل وغير ذلك من الأمثلة التي تتضمن الزيادة على عموم الكتاب وأجابوا بأنها أحاديث شهيرة فوجب العمل بها لشهرتها فيقال لهم وحديث القضاء بالشاهد واليمين جاء من طرق كثيرة مشهورة بل ثبت من طرق صحيحة متعددة فمنها ما أخرجه مسلم من حديث بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بيمين وشاهد وقال في اليمين إنه حديث صحيح لا يرتاب في صحته وقال بن عبد البر لا مطعن لاحد في صحته ولا إسناده وأما قول الطحاوي ان قيس بن سعد لا تعرف له رواية عن عمرو بن دينار لا يقدح في صحة الحديث لأنهما تابعيان
(٢٠٧)