عليه الصلاة والسلام بأن عيسى عليه السلام سيفعله وهو إذا نزل كان مقررا لشرع نبينا صلى الله عليه وسلم كما سيأتي تقريره إن شاء الله تعالى ولا يخفى أن محل جواز كسر الصليب إذا كان مع المحاربين أو الذمي إذا جاوز به الحد الذي عوهد عليه فإذا لم يتجاوز وكسره مسلم كان متعديا لانهم على تقريرهم على ذلك يؤدون الجزية وهذا هو السر في تعميم عيسى كسر كل صليب لأنه لا يقبل الجزية وليس ذلك منه نسخا لشرع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بل الناسخ هو شرعنا على لسان نبينا لاخباره بذلك وتقريره (قوله باب هل تكسر الدنان التي فيها خمر أو تخرق الزقاق) لم يبين الحكم لان المعتمد فيه التفصيل فإن كانت الأوعية بحيث يراق ما فيها وإذا غسلت طهرت وانتفع بها لم يجز إتلافها وإلا جاز وكأنه أشار بكسر الدنان إلى ما أخرجه الترمذي عن أبي طلحة قال يا نبي الله اشتريت خمرا لأيتام في حجري قال أهرق الخمر وكسر الدنان وأشار بتخريق الزقاق إلى ما أخرجه أحمد عن بن عمر قال أخذ النبي صلى الله عليه وسلم شفرة وخرج إلى السوق وبها زقاق خمر جلبت من الشام فشق بها ما كان من تلك الزقاق فأشار المصنف إلى أن الحديثين إن ثبتا فإنما أمر بكسر الدنان وشق الزقاق عقوبة لأصحابها وإلا فالانتفاع بها بعد تطهيرها ممكن كما دل عليه حديث سلمة أول أحاديث الباب (قوله فان كسر صنما أو صليبا أو طنبورا أو ما لا ينتفع بخشبه) أي هل يضمن أم لا أما الصنم والصليب فمعروفان يتخذان من خشب ومن حديد ومن نحاس وغير ذلك وأما الطنبور فهو بضم الطاء والموحدة بينهما نون ساكنة آلة من آلات الملاهي معروفة وقد تفتح طاؤه وأما ما لا ينتفع بخشبه فبينه وبين ما تقدم خصوص وعموم وقال الكرماني المعنى أو كسر شيئا لا يجوز الانتفاع بخشبه قبل الكسر كآلة الملاهي يعني فيكون من العام بعد الخاص قال ويحتمل أن يكون أو بمعنى حتى أي كسر ما ذكر إلى حد لا ينتفع بخشبه أو هو عطف على محذوف تقديره كسر كسرا لا ينتفع بخشبه ولا ينتفع به بعد الكسر (قلت) ولا يخفى تكلف هذا الأخير وبعد الذي قبله (قوله وأتى شريح في طنبور كسر فلم يقض فيه بشئ) أي لم يضمن صاحبه وقد وصله بن أبي شيبة من طريب أبي حصين بفتح أوله بلفظ أن رجلا كسر طنبورا لرجل فرفعه إلى شريح فلم يضمنه شئ ثم أورد المصنف في الباب ثلاثة أحاديث أحدها حديث سلمة بن الأكوع في غسل القدور التي طبخت فيها الحمر وسيأتى الكلام عليه مستوفى في كتاب الذبائح إن شاء الله تعالى وهو يساعد ما أشرت إليه في الترجمة من التفصيل قال بن الجوزي أراد التغليظ عليهم في طبخهم ما نهى عن أكله فلما رأى اذعانهم اقتصر على غسل الأواني وفيه رد على من زعم أن دنان الخمر لا سبيل إلى تطهيرها لما بداخلها من الخمر فإن الذي داخل القدور من الماء الذي طبخت به الخمر يطهره وقد أذن صلى الله عليه وسلم في غسلها فدل على إمكان تطهيرها (قوله قال أبو عبد الله) هو المصنف (كان بن أبي أويس) يعنى شيخه إسماعيل (قوله الانسية بنصب الألف والنون) يعني أنها نسبت إلى الانس بالفتح ضد الوحشة تقول أنسته أنسة وأنسا بإسكان النون وفتحها والمشهور في الروايات بكسر الهمزة وسكون النون نسبة إلى الانس أي بني آدم لأنها تألفهم وهي ضد الوحشية * (تنبيه) * ثبت هذا التفسير لأبي ذر وحده وتعبيره عن الهمزة بالألف وعن الفتح بالنصب جائز عند المتقدمين وإن كان الاصطلاح أخيرا قد استقر على خلافه فلا يبادر إلى إنكاره ثانيها حديث ابن مسعود في
(٨٧)