مملوك فلم يضمنه النبي صلى الله عليه وسلم وإسناده حسن وهو محمول على المعسر وإلا لتعارضا وجمع بعضهم بطريق أخرى فقال أبو عبد الملك المراد بالاستسعاء أن العبد يستمر في حصة الذي لم يعتق رقيقا فيسعى في خدمته بقدر ما له فيه من الرق قالوا ومعنى قوله غير مشقوق عليه أي من جهة سيده المذكور فلا يكلفه من الخدمة فوق حصة الرق لكن يرد على هذا الجمع قوله في الرواية المتقدمة واستسعى في قيمته لصاحبه واحتج من أبطل الاستسعاء بحديث عمران بن حصين عند مسلم ان رجلا أعتق ستة مملوكين له عند موته لم يكن له مال غيرهم فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجزأهم أثلاثا ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة ووجه الدلالة منه أن الاستسعاء لو كان مشروعا لنجز من كل واحد منهم عتق ثلثه وأمره بالاستسعاء في بقية قيمته لورثة الميت وأجاب من أثبت الاستسعاء بأنها واقعة عين فيحتمل أن يكون قبل مشروعية الاستسعاء ويحتمل أن يكون الاستسعاء مشروعا الا في هذا لصورة وهي ما إذا أعتق جميع ما ليس له ان يعتقه وقد أخرج عبد الرزاق بإسناد رجاله ثقات عن أبي قلابة عن رجل من عذرة أن رجلا منهم أعتق مملوكا له عند موته وليس له مال غيره فأعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلثه وأمره ان يسعى في الثلثين وهذا يعارض حديث عمران وطريق الجمع بينهما ممكن واحتجوا أيضا بما رواه النسائي من طريق سليمان بن موسى عن نافع عن بن عمر بلفظ من أعتق عبدا وله فيه شركاء وله وفاء فهو حر ويضمن نصيب شركائه بقيمته لما أساء من مشاركتهم وليس على العبد شئ والجواب مع تسليم صحته أنه مختص بصورة اليسار لقوله فيه وله وفاء والاستسعاء إنما هو في صورة الاعسار كما تقدم فلا حجة فيه وقد ذهب إلى الاخذ بالاستسعاء إذا كان المعتق معسرا أبو حنيفة وصاحباه والأوزاعي والثوري وإسحاق وأحمد في رواية وآخرون ثم اختلفوا فقال الأكثر يعتق جميعه في الحال ويستسعى العبد فتحصيل قيمة نصيب الشريك وزاد ابن أبي ليلى فقال ثم يرجع العبد المعتق الأول بما أداه للشريك وقال أبو حنيفة وحده يتخير الشريك بين الاستسعاء وبين عتق نصيبه وهذا يدل على أنه لا يعتق عنده ابتداء الا النصيب الأول فقط وهو موافق لما جنح إليه البخاري من أنه يصير كالمكاتب وقد تقدم توجيهه وعن عطاء يتخير الشريك بين ذلك وبين ابقاء حصته في الرق وخالف الجميع زفر فقال يعتق كله وتقوم حصة الشريك فتؤخذ إن كان المعتق موسرا وترتب في ذمته إن كان معسرا (قوله باب الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه) أي من التعليقات لا يقع شئ منها الا بالقصد وكأنه أشار إلى رد ما روى عن مالك أنه يقع الطلاق والعتاق عامدا كان أو مخطئا ذاكرا كان أو ناسيا وقد أنكره كثير من أهل مذهبه قال الداودي وقوع الخطأ في الطلاق والعتاق أن يريد أن يلفظ بشئ غيرهما فيسبق لسانه إليهما وأما النسيان ففيما إذا حلف ونسي (قوله ولا عتاقة الا لوجه الله) سيأتي في الطلاق نقل معنى ذلك عن علي رضي الله عنه وفي الطبراني من حديث بن عباس مرفوعا لا طلاق الا لعدة ولا عتاق الا لوجه الله وأراد المصنف بذلك إثبات اعتبار النية لأنه لا يظهر كونه لوجه الله الا مع القصد وأشار إلى الرد على من قال من أعتق عبده لوجه الله أو للشيطان أو للصنم عتق لوجود ركن الاعتاق والزيادة على ذلك لا تخل بالعتق (قوله وقال النبي صلى الله عليه وسلم لكل امرئ ما نوى) هو طرف من حديث عمر وقد ذكره في الباب بلفظ وإنما لامرئ ما نوى واللفظ المعلق
(١١٥)