فيما حبس فيه وهو مفتقر إلى ثبوت ذلك ويدل على أنه تمليك قوله العائد في هبته ولو كان حبس لقال في حبسه أو وقفه وعلى هذا المراد بسبيل الله الجهاد لا الوقف فلا حجة فيه لمن أجاز بيع الموقوف إذا بلغ غاية لا يتصور الانتفاع به فيما وقف له قوله فأضاعه أي لم يحسن القيام عليه وقصر في مؤونته وخدمته وقيل أي لم يعرف مقداره فأراد بيعه بدون قيمته وقيل معناه استعمله في غير ما جعل له والأول أظهر ويؤيده رواية مسلم من طريق روح بن القاسم عن زيد بن أسلم فوجده قد أضاعه وكان قليل المال فأشار إلى علة ذلك وإلى العذر المذكور في إرادة بيعه (قوله لا تشتره) سمي الشراء عودا في الصدقة لان العادة جرت بالمسامحة بين البائع في مثل ذلك للمشترى فأطلق على القدر الذي يسامح به رجوعا وأشار إلى الرخص بقوله وأن أعطاكه بدرهم ويستفاد من قوله وأن أعطاكه بدرهم أن البائع كان قد ملكه ولو كان محبسا كما ادعاه من تقدم ذكره وجاز بيعه لكونه صار لا ينتفع به فيما حبس له لما كان له أن يبيعه الا بالقيمة الوافرة ولا كان له أن يسامح منها بشئ ولو كان المشتري هو المحبس والله أعلم وقد استشكله الإسماعيلي وقال إذا كان شرط الواقف ما تقدم ذكره في حديث بن عمر في وقف عمر لا يباع أصله ولا يوهب فكيف يجوز أن يباع الفرس الموهوب وكيف لا ينهى بائعه أو يمنع من بيعه قال فلعل معناه أن عمر جعله صدقة يعطيها من يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم اعطاءه فأعطاها النبي صلى الله عليه وسلم الرجل المذكور فجرى منه ما ذكر ويستفاد من التعليل المذكور أيضا أنه لو وجده مثلا يباع بأغلا من ثمنه لم يتناوله النهي (قوله فان العائد في صدقته الخ) حمل الجمهور هذا النهي في صورة الشراء على التنزيه وحمله قوم على التحريم قال القرطبي وغيره وهو الظاهر ثم الزجر المذكور مخصوص بالصورة المذكورة وما أشبهها لا ما إذا رده إليه الميراث مثلا قال الطبري يخص من عموم هذا الحديث من وهب بشرط الثواب ومن كان والدا والموهوب ولده والهبة التي لم تقبض والتي ردها الميراث إلى الواهب لثبوت الاخبار باستثناء كل ذلك وأما ما عدا ذلك كالغني يثيب الفقير ونحو من يصل رحمه فلا رجوع لهؤلاء قال ومما لا رجوع فيه مطلقا الصدقة يراد بها ثواب الآخرة وقد استشكل ذكر عمر مع ما فيه من اذاعة عمل البر وكتمانه أرجح وأجيب بأنه تعارض عنده المصلحتان الكتمان وتبليغ الحكم الشرعي فرجح الثاني فعمل به وتعقب بأنه كان يمكنه أن يقول حمل رجل على فرس مثلا ولا يقول حملت فيجمع بين المصلحتين والظاهر أن محل رجحان الكتمان إنما هو قبل الفعل وعنده وأما بعد وقوعه فلعل الذي أعطيه أذاع ذلك فانتفى الكتمان ويضاف إليه أن في اضافته ذلك إلى نفسه تأكيدا لصحة الحكم المذكور لان الذي تقع له القصة أجدر بضبطها ممن ليس عنده الا وقوعها بحضوره فلما أمن ما يخشى من الاعلان بالقصد صرح بإضافة الحكم إلى نفسه ويحتمل أن يكون محل ترجيح الكتمان لمن يخشى على نفسه من الاعلان العجب والرياء أما من أمن من ذلك كعمر فلا (قوله باب) كذا للجميع بغير ترجمة وهو كالفصل من الباب الذي قبله ومناسبته لها أن الصحابة بعد ثبوت عطية النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لصهيب لم يستفصلوا هل رجع أم لا فدل على أن لا أثر للرجوع في الهبة (قوله إن بنى صهيب) هو ابن سنان الرومي وقد تقدم أصله في العرب في باب شراء المملوك من الحربي من كتاب البيوع وقوله مولى بني جدعان كذا في رواية الكشميهني وللباقين مولى ابن جدعان
(١٧٤)