النصب (قوله قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان) الظاهر أن هذا المذكور على سبيل المثال وقال الخطابي فلان الأول والثاني الموصى له وفلان الأخير الوارث لأنه أن شاء أبطله وان شاء أجازه وقال غيره يحتمل أن يكون المراد بالجميع من يوصى له وإنما أدخل كان في الثالث إشارة إلى تقدير القدر له بذلك وقال الكرماني يحتمل أن يكون الأول الوارث والثاني المورث والثالث الموصى له (قلت) ويحتمل أن يكون بعضها وصية وبعضها اقرارا وقد وقع في رواية ابن المبارك عن سفيان عند الإسماعيلي قلت اصنعوا لفلان كذا وتصدقوا بكذا ووقع في حديث بسر بن جحاش وهو بضم الموحدة وسكون المهملة وأبوه بكسر الجيم وتخفيف المهملة وآخره شين معجمة عند أحمد وابن ماجة وصححه واللفظ لابن ماجة قال بزق النبي صلى الله عليه وسلم في كفه ثم وضع أصبعه السبابة وقال يقول الله أني يعجزني بن آدم وقد خلقتك من قبل من مثل هذه فإذا بلغت نفسك إلى هذه وأشار إلى حلقة قلت أتصدق وأنى أوان الصدقة وزاد في رواية أبي اليمان حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين بردين وللأرض منك وئيد فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت التراقي قلت لفلان كذا وتصدقوا بكذا وفي الحديث أن تنجيز وفاء الدين والتصدق في الحياة وفي الصحة أفضل منه بعد الموت وفي المرض وأشار صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بقوله وأنت صحيح حريص تأمل الغني الخ لأنه في حال الصحة يصعب عليه إخراج المال غالبا لما يخوفه به الشيطان ويزين له من إمكان طول العمر والحاجة إلى المال كما قال تعالى الشيطان يعدكم الفقر الآية وأيضا فان الشيطان ربما زين له الحيف في الوصية أو الرجوع عن الوصية فيتمحض تفضيل الصدقة الناجزة قال بعض السلف عن بعض أهل الترف يعصون الله في أموالهم مرتين يبخلون بها وهى في أيديهم يعني في الحياة ويسرفون فيها إذا خرجت عن أيديهم يعني بعد الموت وأخرج الترمذي بإسناد حسن وصححه بن حباب عن أبي الدرداء مرفوعا قال مثل الذي يعتق ويتصدق عند موته مثل الذي يهدي إذا شبع وهو يرجع إلى معنى حديث الباب وروى أبو داود وصححه ابن حبان من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا لان يتصدق الرجل في حياته وصحته بدرهم خير له من أن يتصدق عند موته بمائة (قوله باب قول الله عز وجل من بعد وصية يوصى بها أو دين) أراد المصنف والله أعلم بهذه الترجمة الاحتجاج بما اختاره من جواز إقرار المريض بالدين مطلقا سواء كان المقر له وارثا أو أجنبيا ووجه الدلالة أنه سبحانه وتعالى سوى بين الوصية والدين في تقديمهما على الميراث ولم يفصل فخرجت الوصية للوارث بالدليل الذي تقدم وبقي الاقرار بالدين على حاله وقوله تعالى من بعد وصية متعلق بما تقدم من المواريث كلها الا بما يليه وحده وكأنه قيل قسمة هذه الأشياء تقع من بعد وصية والوصية هنا المال الموصى به وقوله يوصى بها هذه الصفة تقيد الموصوف وفائدته أن يعلم أن للميت أن يوصي قاله السهلي قال وأفاد تنكير الوصية أنها مندوبة إذ لو كانت واجبة لقال من بعد الوصية كذا قال (قوله ويذكر أن شريحا وعمر بن عبد العزيز وطاوسا وعطاء وابن أذينة أجازوا إقرار المريض بدين كأنه لم يجزم بالنقل عنهم لضعف الاسناد إلى بعضهم فأما أثر شريح فوصله ابن أبي شيبة عنه بلفظ إذا أقر في مرض الموت لوارث بدين لم يجز الا ببينة وإذا أقر لغير وارث جاز وفي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف وأخرجه من طريق آخر أضعف من هذه ولكن سيأتي له إسناد أصح من هذا بعد وأما عمر بن عبد العزيز
(٢٨٠)