على الوجهين والله أعلم (قوله وجعل للمرأة الثمن والربع) أي في حالين وكذلك للزوج قال جمهور العلماء كانت هذه الوصية في أول الاسلام واجبة لوالدي وأقربائه على ما يراه من المساواة والتفضيل ثم نسخ ذلك بآية الفرائض وقيل كانت للوالدين والأقربين دون الأولاد فإنهم كانوا يرثون ما يبقى بعد الوصية وأغرب بن شريح فقال كانوا مكلفين بالوصية للوالدين والأقربين بمقدار الفريضة التي في علم الله قبل أن ينزلها واشتد إنكار إمام الحرمين عليه في ذلك وقيل أن الآية مخصوصة لان الأقربين أعم من أن يكونوا وراثا وكانت الوصية واجبة لجميعهم فخص منها من ليس بوارث بآية الفرائض وبقوله صلى الله عليه وسلم لا وصية لوارث وبقي حق من لا يرث من الأقربين من الوصية على حاله قاله طاوس وغيره وقد تقدمت الإشارة إليه قبل واختلف في تعيين ناسخ آية الوصية للوالدين والأقربين فقيل آية الفرائض وقيل الحديث المذكور وقيل دل الاجماع على ذلك وأن لم يتعين دليله واستدل بحديث لا وصية لوارث بأنه لا تصح الوصية للوارث أصلا كما تقدم وعلى تقدير نفاذها من الثلث لا تصح الوصية له ولا لغيره بما زاد على الثلث ولو أجازت الورثة وبه قال المزني وداود وقواه السبكي واحتج له بحديث عمران بن حصين في الذي أعتق ستة أعبد فإن فيه عند مسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم قولا شديدا وفسر القول الشديد في رواية أخرى بأنه قال لو علمت ذلك ما صليت عليه ولم ينقل أنه راجع الورثة فدل على منعه مطلقا وبقوله في حديث سعد بن أبي وقاص وكان بعد ذلك الثلث جائزا فإن مفهومه أن الزائد على الثلث ليس بجائز وبأنه صلى الله عليه وسلم منع سعدا من الوصية بالشطر ولم يستثن صورة الإجازة واحتج من أجازه بالزيادة المتقدمة وهي قوله الا أن يشاء الورثة فإن صحت هذه الزيادة فهي حجة واضحة واحتجوا من جهة المعنى بأن المنع إنما كان في الأصل لحق الورثة فإذا أجازوه لم يمتنع واختلفوا بعد ذلك في وقت الإجازة فالجمهور على أنهم أن أجازوا في حياة الموصي كان لهم الرجوع متى شاءوا وأن أجازوا بعده نفذ وفصل المالكية في الحياة بين مرض الموت وغيره فألحقوا مرض الموت بما بعده واستثنى بعضهم ما إذا كان المجيز في عائلة الموصى وخشي من امتناعه انقطاع معروفه عنه لو عاش فإن لمثل هذا الرجوع وقال الزهري وربيعة ليس لهم الرجوع مطلقا واتفقوا على اعتبار كون الموصى له وارثا بيوم الموت حتى لو أوصى لأخيه الوارث حيث لا يكون له بن يحجب الأخ المذكور فولد له بن قبل موته يحجب الأخ فالوصية للأخ المذكور صحيحة ولو أوصى لأخيه وله بن فمات قبل موت الموصي فهي وصية لوارث واستدل به على منع وصية من لا وارث له سوى بيت المال لأنه ينتقل إرثا للمسلمين والوصية للوارث باطلة وهو وجه ضعيف جدا حكاه القاضي حسين ويلزم قائله أن لا يجيز الوصية للذمي أو يقيد ما أطلق والله أعلم (قوله باب الصدقة عند الموت) أي جوازها وأن كانت في حال الصحة أفضل أورد فيه حديث أبي هريرة قال قال رجل يا رسول الله أي الصدقة أفضل قال أن تصدق وأنت صحيح الحديث وقد تقدم في كتاب الزكاة من وجه آخر وبينت هناك اختلاف ألفاظه ووقه التصريح بالتحديث هناك في جميع إسناده بدل العنعنة هنا (قوله أن تصدق) بتخفيف الصاد على حذف إحدى التاءين وأصله تتصدق وبالتشديد على ادغامها (قوله ولا تمهل) بالاسكان على أنه نهي وبالرفع على أنه نفي ويجوز
(٢٧٩)