القيراطين بمن اتخذها بالمدينة الشريفة خاصة والقيراط بما عداها وقيل يلتحق بالمدينة في ذلك سائر المدن والقرى ويختص القيراط بأهل البوادي وهو يلتفت إلى معنى كثرة التأذي وقلته وكذا من قال يحتمل ان يكون نوعين من الكلاب ففيما لابسه آدمي قيراطان وفيما دونه قيراط وجوز ابن عبد البر أن يكون القيراط الذي ينقص أجرا حسانه إليه لأنه من جملة ذوات الأكباد الرطبة أو الحري ولا يخفى بعده واختلف في القيراطين المذكورين هنا هل هما كالقيراطين المذكورين في الصلاة على الجنازة واتباعها فقيل بالتسوية وقيل اللذان في الجنازة من باب الفضل واللذان هنا من باب العقوبة وباب الفضل أوسع من غيره والأصح عند الشافعية إباحة اتخاذ الكلاب لحفظ الدرب الحاقا للمنصوص بما في معناه كما أشار إليه ابن عبد البر واتفقوا على أن المأذون في اتخاذه ما لم يحصل الاتفاق على قتله وهو الكلب العقور وأما غير العقور فقد اختلف هل يجوز قتله مطلقا أم لا واستدل به على جوازه تربية الجر والصغير لأجل المنفعة التي يؤل أمره إليها إذا كبر ويكون القصد لذلك قائما مقام وجود المنفعة به كما يجوز بيع ما لم ينتفع به في الحال لكونه ينتفع به في المال واستدل به على طهارة الكلب الجائز اتخاذه لان في ملابسته مع الاحتزاز عنه مشقه شديدة فالاذن في اتخاذه اذن في مكملات مقصوده كما أن المنع من لوازمه مناسب للمنع منه وهو استدلال قوى لا يعارضه الا عموم الخبر الوارد في الامر من غسل ما ولغ فيه الكلب من غير تفصيل وتخصيص العموم غير مستنكر إذا سوغه الدليل وفى الحديث الحث على تكثير الأعمال الصالحة والتحذير من العمل بما ينقصها والتنبيه على أسباب الزيادة فيها والنقص منها لتجتنب أو ترتكب وبيان لطف الله تعالى بخلقه في إباحة مالهم به نفع وتبليغ نبيهم صلى الله عليه وسلم لهم أمور معاشهم ومعادهم وفيه ترجيح المصلحة الراجحة على المفسدة لوقوع استثناء ما ينتفع به مما حرم اتخاذه (قوله عن يزيد بن خصيفة) بالمعجمة ثم المهملة ثم الفاء مصغر والسائب بن يزيد صحابي صغير مشهور ورجال الاسناد كلهم مدنيون بالأصالة إلا شيخ البخاري وقد أقام بالمدينة مدة وفيه رواية صحابي عن صحابي (قوله من أزد شنوءة) بفتح المعجمة وضم النون بعدها واو ساكنة ثم همزة مفتوحة وهي قبيلة مشهورة نسبوا إلى شنوءة واسمه الحارث بن كعب ابن عبد الله بن مالك بن النضر بن الأزد (قوله قلت أنت سمعت هذا) فيه التثبت في الحديث وفي (قوله أي ورب هذا المسجد) القسم للتوكيد وإن كان السامع مصدقا (قوله باب استعمال البقر للحراثة) أورد فيه حديث أبي هريرة في قول البقرة لم أخلق لهذا إنما خلقت للحراثة وسيأتي الكلام عليه في المناقب فإن سياقه هناك أتم من سياقه هنا وفيه سبب قوله صلى الله عليه وسلم آمنت بذلك وهو حيث تعجب الناس من ذلك ويأتي هناك أيضا الكلام على اختلافهم في قوله يوم السبع وهل هي بضم الموحدة أو إسكانها وما معناها قال بن بطال في هذا الحديث حجة على من منع أكل الخيل مستدلا بقوله تعالى لتركبوها فإنه لو كان ذلك دالا على منع أكلها لدل هذا الخبر على منع أكل البقر لقوله في هذا الحديث إنما خلقت للحرث وقد اتفقوا على جواز أكلها فدل على أن المراد بالعموم المستفاد من جهة الامتنان في قوله لتركبوها والمستفاد من صيغة إنما في قوله إنما خلقت للحرث عموم مخصوص (قوله باب إذا قال اكفني مؤنة النخل وغيره) أي كالعنب (وتشركني في الثمر) أي تكون الثمرة بيننا
(٦)