جلس في السقيفة انتهى والسبب في غفلته عن ذلك أنه حذف الحديث المعلق الذي أشرت إليه واقتصر على الحديث المرفوع عن عمر الموصول مع أن البخاري لم يترجم بجلوس النبي صلى الله عليه وسلم وإنما ترجم بما جاء في السقائف ثم ذكر الحديث المصرح بجلوس النبي صلى الله عليه وسلم وأورده معلقا ثم بالحديث الذي فيه أن الصحابة جلسوا فيها وأورده موصولا فكأن الإسماعيلي ظن أن قوله وجلس من كلام البخاري لا أنه حديث معلق وسقيفة بني ساعدة كانوا يجتمعون فيها وكانت مشتركة بينهم وجلس النبي صلى الله عليه وسلم معهم فيها عندهم (قوله حدثني مالك وأخبرني يونس) أي بن يزيد عن بن شهاب يعني أن كلا منهما رواه لابن وهب عن ابن شهاب وكان ابن وهب حريصا على التفرقة بين التحديث والاخبار مراعاة للاصطلاح ويقال أنه أول من اصطلح على ذلك بمصر قوله أن الأنصار اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة هو مختصر من قصة بيعة أبى بكر الصديق وسيأتي في الهجرة وفي كتاب الحدود بطوله ونستوفي شرحه هناك إن شاء الله تعالى والغرض منه أن الصحابة استمروا على الجلوس في السقيفة المذكورة وقال الكرماني مطابقة الحديث للترجمة أن الجلوس في السقيفة العامة ليس ظلما (قوله باب لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره) كذا لأبي ذر بالتنوين على إفراد الخشبة ولغيره بصيغة الجمع وهو الذي في حديث الباب قال بن عبد البر روى اللفظان في الموطأ والمعنى واحد لان المراد بالواحد الجنس انتهى وهذا الذي يتعين للجمع بين الروايتين وإلا فالمعنى قد يختلف باعتبار أن أمر الخشبة الواحدة أخف في مسامحة الجار بخلاف الخشب الكثير وروى الطحاوي عن جماعة من المشايخ أنهم رووه بالافراد وأنكر ذلك عبد الغني بن سعيد فقال الناس كلها يقولونه بالجمع الا الطحاوي وما ذكرته من اختلاف الرواة في الصحيح يرد على عبد الغني بن سعيد إلا إن أراد خاصا من الناس كالذين روى عنهم الطحاوي فله اتجاه (قوله عن بن شهاب) كذا في الموطأ وقال خالد بن مخلد عن مالك عن أبي الزناد بدل الزهري وقال بشر بن عمرو عن مالك عن الزهري عن أبي سلمة بدل الأعرج ووافقه هشام بن يوسف عن مالك ومعمر عن الزهري ورواه الدارقطني في الغرائب وقال المحفوظ عن مالك الأول وقال في العلل رواه هشام الدستوائي عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب بدل الأعرج وكذا قال عقيل عن الزهري وقال بن أبي حفصة عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بدل الأعرج والمحفوظ عن الزهري عن الأعرج وبذلك جزم ابن عبد البر أيضا ثم أشار إلى أنه يحتمل أن يكون عند الزهري عن الجميع (قوله لا يمنع) بالجزم على أن لا ناهية ولأبي ذر بالرفع على أنه خبر بمعنى النهي ولأحمد لا يمنعن بزيادة نون التوكيد وهى تؤيد رواية الجزم (قوله جار جاره الخ) استدل به على أن الجدار إذا كان لواحد وله جار فأراد أن يضع جذعه عليه جاز سواء أذن المالك أم لا فإن امتنع أجبر وبه قال أحمد وإسحاق وغيرهما من أهل الحديث وابن حبيب من المالكية والشافعي في القديم وعنه في الجديد قولان أشهرهما اشتراط إذن المالك فإن أمتنع لم يجبر وهو قول الحنفية وحملوا الامر في الحديث على الندب والنهي على التنزيه جمعا بينه وبين الأحاديث الدالة على تحريم مال المسلم إلا برضاه وفيه نظر كما سيأتي وجزم الترمذي وابن عبد البر عن الشافعي بالقول القديم وهو نصه في البويطي قال البيهقي لم نجد في السنن الصحيحة ما يعارض هذا الحكم إلا عمومات لا يستنكر أن نخصها وقد حمله
(٧٩)