عن أمك فأفادت هذه الرواية بيان ما هو المنذر المذكور وهو أنها نذرت أن تعتق رقبة فماتت قبل أن تفعل ويحتمل أن تكون نذرت نذرا مطلقا غير معين فيكون في الحديث حجة لمن أفتى في النذر المطلق بكفارة يمين والعتق أعلى كفارات الايمان فلذلك أمره أن يعتق عنها وحكى ابن عبد البر عن بعضهم أن النذر الذي كان على والدة سعد صيام واستند إلى حديث ابن عباس المتقدم في الصوم أن رجلا قال يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم الحديث ثم رده بان في بعض الروايات عن ابن عباس جاءت امرأة فقالت أن أختي ماتت (قلت) والحق أنها قصة أخرى وقد أوضحت ذلك في كتاب الصيام وفي حديث الباب من الفوائد جواز الصدقة عن الميت وأن ذلك ينفعه بوصول ثواب الصدقة إليه ولا سيما إن كان من الولد وهو مخصص لعموم قوله تعالى وأن ليس للانسان إلا ما سعى ويلتحق بالصدقة العتق عنه عند الجمهور خلافا للمشهور عند المالكية وقد اختلف في غير الصدقة من أعمال البر هل تصل إلى الميت كالحج والصوم وقد تقدم شئ من ذلك في الصيام وفيه أن ترك الوصية جائز لأنه صلى الله عليه وسلم لم يذم أم سعد على ترك الوصية قاله بن المنذر وتعقب بأن الانكار عليها قد تعذر لموتها وسقط عنها التكليف وأجيب بأن فائدة إنكار ذلك لو كان منكرا ليتعظ غيرها ممن سمعه فلما أقر على ذلك دل على الجواز وفيه ما كان الصحابة عليه من استشارة النبي صلى الله عليه وسلم في أمور الدين وفيه العمل بالظن الغالب وفيه الجهاد في حياة الام وهو محمول على أنه استأذنها وفيه السؤال عن التحمل والمسارعة إلى عمل البر والمبادرة إلى بر الوالدين وأن إظهار الصدقة قد يكون خيرا من اخفائها وهو عند اغتنام صدق النية فيه وأن للحاكم تحمل الشهادة في غير مجلس الحكم نبه على أكثر ذلك أبو محمد بن أبي جمرة رحمه الله تعالى وفي بعضه نظر لا يخفى وكلامه على أصل الحديث وهو في الباب الذي يليه أبسط من هذا الباب (قوله باب الاشهاد في الوقف والصدقة) أورد فيه حديث بن عباس المذكور آنفا لقوله فيه أشهدك أن حائطي المخراف صدقة وألحق المصنف الوقف بالصدقة لكن في الاستدلال لذلك بقصة سعد نظر لان قوله أشهدك يحتمل إرادة الاشهاد المعتبر ويحتمل أن يكون معناه الاعلام واستدل المهلب للاشهاد في الوقف بقوله تعالى وأشهدوا إذا تبايعتم قال فإذا أمر بالاشهاد في البيع وله عوض فلان يشرع في الوقف الذي لا عوض له أولى وقال ابن المنير كأن البخاري أراد دفع التوهم عمن يظن أن الوقف من أعمال البر فيندب إخفاؤه فبين أنه يشرع إظهاره لأنه بصدد أن ينازع فيه ولا سيما من الورثة (قوله باب قوله عز وجل وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إلى قوله فانكحوا ما طاب لكم من النساء) أورد فيه حديث عائشة في تفسير قوله تعالى وان خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى وفي تفسير قوله تعالى ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن سيأتي الكلام على هذا الحديث مستوفى في التفسير وقد أغفل
(٢٩٢)