من كتاب الشرب اشتراك الماء والحطب والمرعى في جواز انتفاع الناس بالمباحات منها من غير تخصيص قال ابن بطال إباحة الاحتطاب في المباحات والاختلا من نبات الأرض متفق عليه حتى يقع ذلك في أرض مملوكة فترتفع الإباحة ووجهه أنه إذا ملك بالاحتطاب والاحتشاش فلان يملك بالاحياء له أولى ثم أورد فيه المصنف ثلاثة أحاديث أولها وثانيها حديث الزبير بن العوام وأبي هريرة بمعناه في الترغيب في الاكتساب بالاحتطاب وقد تقدم الكلام عليهما في كتاب الزكاة ثالثها حديث علي في قصة شارك فيه مع حمزة بن عبد المطلب والشاهد منه قوله وأنا أريد أن أحمل عليهما اذخر الأ بيعه فإنه دال على ما ترجم به من جواز الاحتطاب والاحتشاش وسيأتى الكلام على شرحه مستوفى في آخر كتاب الجهاد في فرض الخمس إن شاء الله تعالى (قوله باب القطائع) جمع قطيعة تقول أقطعته أرضا جعلتها له قطيعة والمراد به ما يخص به الامام بعض الرعية من الأرض الموات فيختص به ويصير أولى باحيائه ممن لم يسبق إلى احيائه واختصاص الاقطاع بالموات متفق عليه في كلام الشافعية وحكى عياض أن الاقطاع تسويغ الامام من مال الله شيئا لمن يراه أهلا لذلك قال وأكثر ما يستعمل في الأرض وهو أن يخرج منها لمن يراه ما يحوزه إما بأن يملكه إياه فيعمره وإما بأن يجعل له غلته مدة انتهى قال السبكي والثاني هو الذي يسمى في زماننا هذا اقطاعا ولم أر أحدا من أصحابنا ذكره وتخريجه على طريق فقهي مشكل قال والذي يظهر أنه يحصل للمقطع بذلك اختصاص كاختصاص المتحجر لكنه لا يملك الرقبة بذلك انتهى وبهذا جزم المحب الطبري وادعى الأذرعي نفي الخلاف في جواز تخصيص الامام بعض الجند بغلة أرض إذا كان مستحقا لذلك والله أعلم (قوله عن يحيى بن سعيد) هو الأنصاري ووقع للبيهقي من وجه آخر عن سليمان بن حرب شيخ البخاري فيه التصريح بالتحديث لحماد من يحيى (قوله أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع من البحرين) يعني للأنصار وفى رواية البيهقي دعا الأنصار ليقطع لهم البحرين وللإسماعيلي ليقطع له البحرين أو طائفة منها وكان الشك فيه من حماد فسيأتي للمصنف في الجزية من طريق زهير عن يحيى بلفظ دعا الأنصار ليكتب لهم البحرين ولهم في مناقب الأنصار من رواية سفيان عن يحيى إلى أن يقطع لهم البحرين وظاهره أنه أراد أن يجعلها لهم اقطاعا واختلف في المراد بذلك فقال الخطابي يحتمل أنه أراد الموات منها ليتملكوه بالاحياء ويحتمل أن يكون أراد العامر منها لكن في حقه من الخمس لأنه كان ترك أرضها فلم يقسمها وتعقب بأنها فتحت صلحا كما سيأتي في كتاب الجزية فيحتمل أن يكون المراد أنه أراد أن يخصهم بتناول جزيتها وبه جزم إسماعيل القاضي وابن قرقول ووجهه ابن بطال بأن أرض الصلح لا تقسم فلا تملك وقال ابن التين إنما يسمى اقطاعا إذا كان من أرض أو عقار وإنما يقطع من الفئ ولا يقطع من حق مسلم ولا معاهد قال وقد يكون الاقطاع تمليكا وغير تمليك وعلى الثاني يحمل اقطاعه صلى الله عليه وسلم الدور بالمدينة كأنه يشير إلى ما أخرجه الشافعي مرسلا ووصله الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة أقطع الدور يعنى أنزل المهاجرين في دور الأنصار برضاهم انتهى وسيأتي في أواخر الخمس حديث أسماء بنت أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير أرضا من أموال بني النضير يعني بعد أن أجلاهم والظاهر أنه ملكه إياها وأطلق عليها اقطاعا على سبيل المجاز والله أعلم والذي يظهر لي أن النبي صلى
(٣٦)