وللكشميهني بعثت بضم أوله على البناء للمجهول (قوله إنه قد بلغت) في رواية الكشميهني انها قد بلغت محلها بكسر المهملة يقع على المكان والزمان أي زال عنها حكم الصدقة المحرمة على وصارت لي حلالا * (تنبيه) * أم عطية اسمها نسيبة بنون ومهملة وموحدة مصغرا كما تقدم في الكلام على هذا الحديث في أواخر الزكاة ووقع عند الإسماعيلي من رواية وهب بن بقية عن خالد بن عبد الله نسيبة بفتح النون ومن رواية يزيد بن زريع عن خالد الحذاء نسيبة بالتصغير وهو الصواب ثم أخرجه من طريق بن شهاب عن الحذاء عن أم عطية قالت بعثت إلى نسيبة الأنصارية بشاة فأرسلت إلى عائشة منها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عندكم شئ قالت لا الا ما أرسلت به نسيبة الحديث قال الإسماعيلي هذا يدل على أن نسيبة غير أم عطية (قلت) سبب ذلك تحريف وقع في روايته في قوله بعث والصواب بعثت على البناء للمجهول وفيه نوع التجريد لان أم عطية أخبرت عن نفسها بما يوهم أن الذي تخبر عنه غيرها قال بن بطال إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يأكل الصدقة لأنها أوساخ الناس ولان أخذ الصدقة منزلة ضعة والأنبياء منزهون عن ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم كان كما وصفه الله تعالى ووجدك عائلا فأغنى والصدقة لا تحل للأغنياء وهذا بخلاف الهدية فإن العادة جارية بالإثابة عليها وكذلك كان شأنه وقوله قد بلغت محلها فيه أن الصدقة يجوز فيها تصرف الفقير الذي أعطيها بالبيع والهدية وغير ذلك وفيه إشارة إلى أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لا تحرم عليهن الصدقة كما حرمت عليه لان عائشة قبلت هدية بريرة وأم عطية مع علمها بأنها كانت صدقة عليهما وظنت استمرار الحكم بذلك عليها ولهذا لم تقدمها للنبي صلى الله عليه وسلم لعلمها أنه لا تحل له الصدقة وأقرها صلى الله عليه وسلم على ذلك الفهم ولكنه بين لها أن حكم الصدقة فيها قد تحول فخلت له صلى الله عليه وسلم أيضا ويستنبط من هذه القصة جواز استرجاع صاحب الدين من الفقير ما أعطاه له من الزكاة بعينه وأن للمرأة أن تعطي زكاتها لزوجها ولو كان ينفق عليها منها وهذا كله فيما لا شرط فيه والله أعلم * (تنبيه) * استشكلت قصة عائشة في حديث أم عطية مع حديثها في قصة بريرة لان شأنهما واحد وقد أعلمها النبي صلى الله عليه وسلم في كل منهما بما حاصله أن الصدقة إذا قبضها من يحل له أخذها ثم تصرف فيها زال عنها حكم الصدقة وجاز لمن حرمت عليه أن يتناول منها إذا أهديت له أو بيعت فلو تقدمت إحدى القصتين على الأخرى لاغنى ذلك عن إعادة ذكر الحكم ويبعد أن تقع القصتان دفعة واحدة (قوله باب من أهدى إلى صاحبه وتحرى بعد نسائه دون بعض) يقال تحرى الشئ إذا قصده دون غيره (قوله حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كان الناس يتحرون بهداياهم يومي وقالت أم سلمة إن صواحبي اجتمعن فذكرت له فأعرض عنها) هكذا أورده مختصرا جدا وقد أخرجه أبو عوانة وأبو نعيم والإسماعيلي من طريق محمد بن عبيد زاد الإسماعيلي وخلف بن هشام كلاهما عن حماد بن زيد بهذا الاسناد بلفظ كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة فاجتمعن صواحبي إلى أم سلمة فقلن لها خبري رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس أن يهدوا له حيث كان قالت فذكرت ذلك أم سلمة للنبي صلى الله عليه وسلم قالت فأعرض عني قالت فلما عاد إلي ذكرت له ذلك فأعرض
(١٥٠)